14 وجيزة استطاع ألب أرسلان من إخضاع مكة والمدينة ودمشق وحلب، وأصبحت الخطبة تقام فيها للخليفة العباسي والسلطان السلجوقي 1. ثم استوزر ألب أرسلان نظام الملك (408 - 486 ه/ 1018 - 1092 م) الذي اشتهر بحكمته وحسن سياسته، فكانت الدولة وتحركات السلطان تحكمها تقريرات هذا الوزير 2.
وإجمالا فإنه رغم أن السلاجقة قد نصبوا أنفسهم حماة الخلافة العباسية بخاصة وأهل السنة بعامة، لكنهم لم يعيدوا للخليفة سلطاته التي انتزعها منه أصحاب الشوكة والسلاطين في القرن الماضي، ويمكن القول: إن عماد العلاقة الوطيدة التي ربطت السلاجقة بالخليفة العباسي، هوحاجة كل منهما للآخر، فالخليفة العباسي قد رأى بأم عينه من خلال حادثة البساسيري مدى ضعفه، وتأثير ذلك في زوال خلافة بني العباس إن لم يكن لها سند قوي يحميها من غائلة الطامعين في تقاسم إرث هذه الخلافة، فوجد في السلاطين السلاجقة خير حام وأهون الضررين. أما السلاجقة فكانوا مدركين تماما أنهم مهما أوتوا من قوة وشوكة، ومن اتفاق مع السواد الأعظم في المذهب، فلن يستطيعوا المحافظة على شرعية دولتهم إلا بتقديم خدمات سياسية وعسكرية للخليفة العباسي، فقد جرت العادة في ذلك العصر أنه كلما ورث سلطان أوأمير حكم دولة أوإمارة ما، فلا مناص من قرار يصدره الخليفة يؤكد شرعية هذا التوارث.
وقد تأثر الإمام عبد الملك الجويني بالحالة السياسية في عصره تأثرا مباشرا، فالجويني قد قضى معظم حياته في نيسابور وبغداد وبلاد الحجاز، وشهد في هذه البلاد الفتن والمحن التي كانت تحصل من حين لآخر بتحريض ظاهر من القوى السياسية الحاكمة بين أهل السنة في نيسابور، والشيعة الإمامية في كل من طوس وأبيورد 3.
1)ابن الأثير، الكامل في التاريخ ج 10 ص 61، 63.
2)ابن خلكان، وفيات الأعيان ج 2 ص 128.
3)ابن الأثير، الكامل في التاريخ 9 ص 434، 435.