فهرس الكتاب
الصفحة 98 من 209

حديث:"هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟"

7467 -حدثنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم على المنبر يقول: إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم، كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أعطي أهل التوراة التوراة، فعملوا بها حتى انتصف النهار، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أعطي أهل الإنجيل الإنجيل، فعملوا به حتى صلاة العصر، ثم عجزوا، فأعطوا قيراطًا قيراطًا، ثم أعطيتم القرآن، فعملتم به حتى غروب الشمس، فأعطيتم قيراطين قيراطين، قال أهل التوراة ربنا هؤلاء أقل عملا، وأكثر أجرًا، قال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا، فقال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء .

الشرح:

هذا فيه مثل ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - لهذه الأمة، وللأمم السابقة. وفيه أن نسبة زمان هذه الأمة إلى ما سبق كنسبة ما بعد العصر إلى غروب الشمس، بالنسبة إلى أول النهار، فإذا نسبت ما بعد العصر إلى غروب الشمس، إلى أول النهار إلى العصر، تجد أن هذه الأمة سبقها أمم كثيرة، وهي في آخر الناس ونبينا - صلى الله عليه وسلم - هو نبي الساعة، فنسبة بقاء هذه الأمة في الدنيا إلى ما مضى كنسبة ما بعد العصر إلى غروب الشمس، إذا نسبته إلى ما مضى من النهار.

وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذه الأمة أقل عملا وأعظم أجورًا، وهذا فضل الله يوتيه من يشاء. وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب مثلا لليهود والنصارى وهذه الأمة، فاليهود أعطوا التوراة، وقيل: لهم اعملوا بها، فعملوا من أول النهار إلى الظهر على قيراط قيراط، وفي اللفظ الآخر: مثلهم كمثل من استأجر أجيرًا فقال له: اعمل من أول النهار إلى الظهر على قيراط قيراط، فعمل وأخذ قيراطًا وفي هذا الحديث أنهم عملوا فعجزوا، فأخذوا قيراطًا قيراطًا، واستأجر آخرين من الظهر إلى العصر فعملوا، فأعطاهم قيراطًا قيراطًا، ثم استأجر آخرين من بعد العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين، فغضب الأولون، وقالوا: كيف تعطيهم قيراطين قيراطين، ونحن أطول زمنًا وأقل أجرًا، فقال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا، قال: ذلك فضلي أوتيه من أشاء، وفي اللفظ الآخر: (…فغضبت اليهود والنصارى لما أعطى هذه الأمة ) .

فهذا مثل فضل الله على هذه الأمة، أنهم أقل عملا وأكثر أجورًا.

قوله: (ذلك فضلي أوتيه من أشاء) : هذا الشاهد من الحديث، ففيه إثبات المشيئة لله عز وجل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام