7414 - حدثنا مسدد سمع يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني منصور وسليمان عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله أن يهوديا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد، إن الله يمسك السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع والجبال على إصبع، والشجر على إصبع والخلائق على إصبع، ثم يقول: أنا الملك، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه، ثم قرأ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ .
قال يحيى بن سعيد وزاد فيه فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تعجبًا وتصديقًا له .
الشرح:
هذا الحديث فيه إثبات الأصابع لله -عز وجل- وأنها من الصفات الذاتية التي تليق بالله وعظمته، وفيه إثبات خمسة أصابع لله -عز وجل- أن الله -تعالى- يضع السماوات والأرضين على أصبع والجبال على أصبع، والشجر على أصبع، وسائر الخلق على إصبع، فهذه خمسة أصابع.
وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضحك تعجبًا وتصديقًا لقول الحَبْر، وهو العالم عند اليهود
وأهل الكلام لهم كلام ولخبطة في هذا، كالخطابي وابن بطال والقرطبي وجماعة، فمنهم من تأول وقال: هذا على عادة العرب وأنكروها، ومنهم من قال: يحتمل أن يكون الإصبع خلقًا من خلق الله، ومنهم من قال غير ذلك، وكل هؤلاء استوحشوا من إثبات الأصبع لله تعالى. ومنهم من قال: إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما ضحك إنكارا على الحَبْر اليهودي. فسبحان الله! وفي الحديث يقول: إنما ضحك تعجبًا وتصديقًا، وهؤلاء يقولون: ضحك إنكارًا عليه. ومنهم من قال: إن لفظة (ضحك) وَهْمٌ من الرواة، فلا أصل لا وأنها من غلط بعض الرواة، وقالوا: كيف يضحك على التشبيه والتجسيم. فنسأل الله العافية من قول هؤلاء.
وسبب ذلك أنهم ظنوا أن في هذا تشبيه، واستوحشوا من إثبات الصفات. ونحن نقول: ليس في هذا تشبيه، بل نثبت ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسوله، فلله -تعالى- أصابع تليق بجلاله وعظمته لا نعلم كيفيتها. قال -تعالى-: قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ فالرسول أعلم الناس بربه، أثبت الأصابع لله عز وجل، والله -تعالى- أثبت لنفسه اليدين فقال: وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فكيف تستوحشون من إثبات ما أثبته الله -تعالى- لنفسه، وما أثبته له رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
فائدة:
ما وقع فيه العلماء الكبار من الزلات والهفوات والتأويلات، مع طول باعهم في العلم؛ سبب ذلك أنه لم يكن عندهم تحقيق في الاعتقاد وإثبات الصفات على مذهب أهل السنة والجماعة؛ وذلك لأنهم لم ينشئوا على معتقد أهل السنة والجماعة، وظنوا أن هذا هو التشبيه.
وقد ذكر ابن القيم -رحمه الله- في نونيته: (الكافية الشافية) : أن من جهل في هذه المسألة، وأراد الحق وسلك طريقًا آخر لم يوصل إليه، أن أمرهم يدور بين أربعة أمور:
1 -الذنب: فإما أن يكون مذنبًا، أي: بقي عليه ذنب.
2 -المغفرة: أي بأن يكون مغفورًا له.
3 -الخطأ المغفور: أي بأن يكون قد اجتهد وأخطأ، فله أجر.
4 -أن يكون قد اجتهد، فأصاب، فله أجران.
ونرجوا للعلماء الكبار أن يكون مغفورًا لهم؛ لأنهم لم يتعمدوا هذا، بل ظنوا إن هذا هو الحق، أن هذا هو التنزيه، اجتهادًا منهم رحمهم الله. لكن هذا يوجب على طالب العلم، أن يعتني بمعتقد أهل السنة والجماعة حتى لا يَزِلَّ كما زَلَّ هؤلاء العلماء الكبار.