فهرس الكتاب
الصفحة 206 من 209

حديث:"تلك الكلمة من الحق يخطَفها الجني"

7561 - حدثنا علي حدثنا هشام أخبرنا معمر عن الزهري وحدثني أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرني يحيى بن عروة بن الزبير أنه سمع عروة بن الزبير قال، قالت: عائشة -رضي الله عنها- سأل أناس النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الكهان فقال: إنهم ليسوا بشيء فقالوا: يا رسول الله، فإنهم يحدثون بالشيء يكون حقًّا، قال: فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- تلك الكلمة من الحق يخطَفها الجني، فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة، فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة .

الشرح:

(الكهان) جمع كاهن، وهو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، وله رأي من الجن يأتيه بالأخبار. وهو يدعي الغيب في المستقبل عن طريق هذا الرأي، وإذا كان ذلك عن طريق العقد والرقى والعزائم، التي يفعلها سمي ساحرًا، وإذا كان ادعاؤه للغيب بسبب النظر في النجوم، أو الخط في الأرض، أو ضرب الحصى والودع سمي منجمًا، وإذا كان ادعاؤه للغيب بمقدمات يستدل بها على معرفة المسروق، ومكان الضالة سمي عرافًا، فكلهم يجمعهم شيء واحد، وهو دعوى علم الغيب، لكن بطرق مختلفة.

قوله: (إنهم ليسوا بشيء) أي: أن إخبارهم لا يوثق بها، ولا ينبغي أن يعتمد عليها، قوله: (إنهم يحدثون بالشيء، يكون حقًّا أي: أنه أحيانًا يقع ما قالوا، فقال: تلك الكلمة يخطفها الجني، فيقرقرها في أذن وليه..) في لفظ (فيقرقرها في أذن وليه كقرقرة الدجاجة قرقر) وجاء في حديث آخر: (إن الشياطين يركب بعضهم بعضًا، فيسترقون السمع من السحاب) ، أو من السماء الدنيا؛ لأن الله -تعالى- إذا تكلم بالوحي أخذت السماوات منه رجفة، فإذا صعقوا (أي: الملائكة ) يكون أول من يرفع رأسه جبريل فيخبره الله من وحيه ما أراد، فيتكلم جبريل ثم يتكلم أهل السماء السابعة، وهكذا حتى يصل إلى السماء الدنيا، وأحيانًا يكون الملائكة في السحاب، فيتكلمون بالوحي، فيسمعه الشيطان الفوقاني، ثم يلقيها من تحته، ثم يلقيها إلى من تحته، حتى تصل إلى الشيطان الذي في الأسفل، فيقرقرها في أذن وليه، أي: الكاهن كقرقرة الدجاجة قرقر، فإذا وصلت إلى الكاهن خلط معها مائة كذبة، فصار يخبر الناس بهذا الكذب الكثير، وإن كان معه خبر واحد صحيح مسموع من السماء، فالناس يصدقون الكاهن بجميع الكذب من أجل واحدة.

فهذا فيه دليل على قبول النفس للشر والباطل، فكيف يعتبرون بواحدة ولا يعتبرون بالمائة، والشهب تلاحق الشياطين وتحرقهم، فربما أدرك الشهاب الشيطان الأسفل قبل أن يلقيها في أذن الكاهن، وربما ألقاها في أذنه، ثم يحرقه الشهاب، فهذا يدل على أن الشياطين كثرة، وهذا فيه تفاوت الناس، فتكلم الكاهن بالكلمة التي سمعت من السماء غير تكلم الجني، وغير تكلم الملائكة، فهم يتفاوتون بالكلمة الواحدة التي تسمع من السماء، فدل على أن الناس يتفاوتون بهذا، وأن هذه أعمالهم، والوحي كذلك يسمع من السماء، وهو كلام الله، لكن تلاوة الناس له مختلفة، فدل على أن التلاوة من أعمال العباد وأما المتلو، فهو كلام الله عز وجل.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام