فهرس الكتاب
الصفحة 91 من 240

وأراد اللّه أن تفوتهم القافلة الرابحة الهينة وأن يقابلوا النفير وأن يقاتلوا الطائفة ذات الشوكة.وكان ما أراده اللّه هو الخير لهم وللإسلام.وكان هو النصر الذي أراده اللّه لرسوله وجنده ودعوته على مدى الأيام.

ولقد يهزم جنود اللّه في معركة من المعارك،وتدور عليهم الدائرة،ويقسو عليهم الابتلاء لأن اللّه يعدهم للنصر في معركة أكبر.ولأن اللّه يهيئ الظروف من حولهم ليؤتي النصر يومئذ ثماره في مجال أوسع،وفي خط أطول،وفي أثر أدوم.

لقد سبقت كلمة اللّه،ومضت إرادته بوعده،وثبتت سنته لا تتخلف ولا تحيد: «وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ» . [1]

وذلك لا يكون إلا لأهل العقيدة الصحيحة،فهم الظاهرون،وهم الناجون،وهم المنصورون،فعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِىَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ » [2] "."

وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (51) سورة غافر

فأما في الآخرة فقد لا يجادل أحد من المؤمنين بالآخرة في هذه النهاية.ولا يجد ما يدعوه إلى المجادلة.

وأما النصر في الحياة الدنيا فقد يكون في حاجة إلى جلاء وبيان.

إن وعد اللّه قاطع جازم: «إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا..» ..بينما يشاهد الناس أن الرسل منهم من يقتل ومنهم من يهاجر من أرضه وقومه مكذبا مطرودا،وأن المؤمنين فيهم من يسام العذاب،وفيهم من يلقى في الأخدود،وفيهم من يستشهد،وفيهم من يعيش في كرب وشدة واضطهاد..فأين وعد اللّه لهم بالنصر في الحياة الدنيا؟ ويدخل الشيطان إلى النفوس من هذا المدخل،ويفعل بها الأفاعيل! ولكن الناس يقيسون بظواهر الأمور.ويغفلون عن قيم كثيرة وحقائق كثيرة في التقدير.

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 3001)

(2) - صحيح مسلم- المكنز (5059 )

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام