الفطري للتدين،ويشبع نزعته تلك،فإذا كان الأمر كذلك فإنَّ أولى ما يحقق ذلك هو الاعتقادُ الصحيح الذي يوافق تلك الفطرة،ويحترم عقل الإنسان ومكانته في الكون،وهذا ما جاءت به العقيدة الإسلامية.قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (82) سورة الأنعام.3-لما كان الدين الإسلامي بناء متكاملاً اعتقادا وعبادة وسلوكا،لزم أن يكون هذا البناء متناسقا ومنسجما،لذا نجد أن العنصر الأساسي فيه هو العقيدةُ الإسلاميةُ التي يقوم عليها،وهي عقيدة التوحيد الخالص لله تعالى،مما يكسبها مركزا مهما لفهم الدين الإسلامي فهماً صحيحاً.فالعقائد الإسلامية والعبادات والمعاملات والسلوك كلُّها تتجهُ لوجهة واحدة هي إخلاصُ الدين لله تعالى،وهذا الاتجاه المتحد له أهمية قصوى في فهم الدين الإسلامي،قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} (125) سورة النساء
4-إن إخلاص الدين لله تعالى لا يبلغ كماله إلا بإخلاص المحبَّة لله المعبود ،والمحبةُ لا تكتمل إلا بتمام المعرفة.والعقيدة الإسلامية تقدم للإنسان كل ما يجب عليه معرفته في حقِّ الله تعالى،وبذلك يبلغ كمال المحبة،وبالتالي يسعى لكمال الإخلاص لله تعالى ؛لأنه أتم معرفته به،كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (أَنَا وَاللَّهِ أَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ،وَأَتْقَاكُمْ لَهُ) [1] ،وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُهُمْ بِمَا يُطِيقُونَ فَيَقُولُونَ إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ.فَيَغْضَبُ حَتَّى يُرَى ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ.قَالَ ثُمَّ يَقُولُ « وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُكُمْ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ قَلْباً » (أخرجه أحمد) [2] .
5-إن الإنسان هو خليفة الله تعالى في الأرض [3] ،وقد وكّل إليه إعمارها،كما أمر بعبادة الله تعالى والدعوة إلى دينه.والمسلمُ في حياته كلها يستشعر أنه يؤدي رسالة الله تعالى
(1) - المستدرك للحاكم برقم ( 1742) وصحيح ابن خزيمة برقم ( 2704) وهو صحيح
(2) - برقم ( 25021) وهو صحيح
(3) - هناك خلاف في إطلاق هذه اللفظة ، والصواب جوازها انظر: التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (23 / 242) والتفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (1 / 7) وتفسير الشعراوي - ( / 288) وتفسير الشيخ المراغى ـ موافقا للمطبوع - (1 / 80) وتفسير المنار - (9 / 230) وتفسير روح البيان ـ موافق للمطبوع - (1 / 86) وجامع لطائف التفسير1-28 - (1 / 305) وزهرة التفاسير لأبي زهرة - (1 / 1346) ومحاسن التأويل تفسير القاسمي - (6 / 50) وفتاوى الأزهر - (7 / 354) وفتاوى الشبكة الإسلامية معدلة - (6 / 105) رقم الفتوى 40112 لا حرج في مقولة"الإنسان خليفة الله في الأرض"تاريخ الفتوى: 18 رمضان 1424 ومجلة مجمع الفقه الإسلامي - (2 / 7097) ومجلة مجمع الفقه الإسلامي - (2 / 20982)