فهرس الكتاب
الصفحة 37 من 240

بذلك يتوحد مصدر التشريع،ويكون الحكم للّه وحده.وهو خير الحاكمين.وما عدا هذا النهج فهو خروج على شريعة اللّه،وعلى دين اللّه،وعلى ما وصى به نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا عليهم الصلاة والسّلام. «وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ» ..فقد قال اللّه كلمة الفصل بإمهالهم إلى يوم القول الفصل.ولولاها لقضى اللّه بينهم،فأخذ المخالفين لما شرعه اللّه،المتبعين لشرع من عداه.لأخذهم بالجزاء العاجل.ولكنه أمهلهم ليوم الجزاء.

«وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» ..فهذا هو الذي ينتظرهم جزاء الظلم.وهل أظلم من المخالفة عن شرع اللّه إلى شرع من عداه؟ [1]

أمَّا الخليفةُ والأميرُ والحاكمُ فهم جميعاً خلقُ الله،ويعبدونَ اللهَ بتنفيذِ هذا القانونِ الربانيِّ،فما داموا منْ خلقِ الله فهمْ عبيدٌ،وليسوا آلهةً لا يُسألونَ.

إن الناس لا يؤمنون - ابتداء - إلا أن يتحاكموا إلى منهج اللّه ممثلا - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أحكام الرسول.وباقيا بعده في مصدريه القرآن والسنة بالبداهة ولا يكفي أن يتحاكموا إليه - ليحسبوا مؤمنين - بل لا بد من أن يتلقوا حكمه مسلمين راضين: «فَلا وَرَبِّكَ..لا يُؤْمِنُونَ..حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ،ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً» ..فهذا هو شرط الإيمان وحد الإسلام.

ويقول لها:إن الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت - أي إلى غير شريعة اللّه - لا يقبل منهم زعمهم أنهم آمنوا بما أنزل إلى الرسول وما أنزل من قبله.فهو زعم كاذب.يكذبه أنّهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ،يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ - وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ - وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً» .

ويقول لها:إن علامة النفاق أن يصدوا عن التحاكم إلى ما أنزل اللّه والتحاكم إلى رسول اللّه: «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ:تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ،رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً» .

(1) - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 3152)

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام