فهرس الكتاب
الصفحة 202 من 240

وفي هذا وحده تكون الشهادة لا في أية حرب لأي هدف غير هذا الهدف الواحد..لله..وكل أرض تحارب المسلم في عقيدته،وتصدُّه عن دينه،وتعطل عمل شريعته،فهي"دار حرب"ولو كان فيها أهله وعشيرته وقومه وماله وتجارته..وكل أرض تقوم فيها عقيدته وتعمل فيها شريعته،فهي"دار إسلام"ولو لم يكن فيها أهل ولا عشيرة،ولا قوم ولا تجارة.الوطن:دار تحكمها عقيدة ومنهاج حياة وشريعة من الله..هذا هو معنى الوطن اللائق"بالإنسان".والجنسية:عقيدة ومنهاج حياة.وهذه هي الآصرة اللائقة بالآدميين.إن عصبية العشيرة والقبيلة والقوم والجنس واللون والأرض عصبية صغيرة متخلفة..عصبية جاهلية عرفتها البشرية في فترات انحطاطها الروحي،وسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"منتنة"بهذا الوصف الذي يفوح منه التقزز والاشمئزاز.

ولما ادعى اليهود أنهم شعب الله المختار بجنسهم وقومهم ردَّ الله عليهم هذه الدعوى،ورد ميزان القيم إلى الإيمان وحده على توالي الأجيال،وتغاير الأقوام والأجناس والأوطان: {وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ،قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ،فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ،صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ } ... [ البقرة:135 - 138 ]

فأما شعب الله المختار حقاً فهو الأمة المسلمة التي تستظل براية الله على اختلاف ما بينها من الأجناس والأقوام والألوان والأوطان: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ } ... [ آل عمران:110 ]

الأمة التي يكون من الرعيل الأول فيها أبو بكر العربي،وبلال الحبشي،وصهيب الرومي،وسلمان الفارسي،وإخوانهم الكرام.والتي تتوالى أجيالها على هذا النسق الرائع..الجنسية فيها العقيدة،والوطن فيها هو دار الإسلام،والحاكم فيها هو الله،والدستور فيها هو القرآن.هذا التصور الرفيع للدار وللجنسية وللقرابة هو الذي ينبغي أن يسيطر

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام