هناك حرمة فإنها لا ترجع للعقد إذ هو صحيح ولكن ترجع إلى شيء آخر وهو من جهة أنه غش للزوجة وأهلها وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم الغش والخداع لأن الزوجة لو علمت بأن الرجل لا يريد أن يتزوجها ويبقي معها إلا لهذه المدة ما تزوجته ولا رضيت لا هي ولا أهلها وقد يجر ذلك عليها مشاكل أخلاقية بعد مفارقته لها أو أنه لا يتزوجها أحد فيكون هذا الرجل قد ظلمها وكذب عليها إضافة إلى أنه لو جاءهما أولاد لكانوا هم الضحية وقد تصرفهم أمهم عن الإسلام إن كانت كتابية ويحصل هذا فساد كبير.
وكذلك فإن هذا الرجل لا يرضى أن يتزوج شخص ابنته وهو في نيته أن يطلقها إذا انتهت حاجته منها فكيف يرضى لنفسه أن يعامل غيره بمثل ما لا يرضاه لنفسه وهذا خلاف الإيمان لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". (متفق عليه) وهذا هو الأحوط والذي تسد به الذريعة وإنه لو أبيح ذلك لذهب الكثيرين وخاصة الشباب إلى الخارج للزواج والتمتع فقط ثم الرجوع ولا يخفى على عاقل ما يحدث ذلك من المفاسد من ضياع الشباب وضياع أموالهم وجفاء زوجاتهم وعنوسة الفتيات وغير ذلك ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ولو أردنا ضبط ذلك وأنه لا يحل النكاح بنية الطلاق إلا لمن كان له حاجة في غير بلاده ويريد العفة وعدم الوقوع في المحرم لصعب علينا مثل هذا وما أكثر الناس الذين يحاولون العثور على أي رخصةٍ أو طريق إلى إشباع رغباتهم وقد يصوغون أسئلتهم بصياغة فيه لبس على المفتي ليقولون: أفتانا هذا فلان وهو في الحقيقة أفتاهم على حسب سؤالهم ولكنه لا يعلم عن خبث نواياهم. فسد هذا الباب أولى وأفضل وبعض الناس فيهم جهل وقد لا يمنعهم شيء في تعدي محارم الله. وعلى كل حال فإن كل هذه السلبيات لا تجعل النكاح باطلاً بل هو كما أسلفت صحيح وأرجو أن يكون فيما قلت بياناً مختصراً شافياً لهذه المسألة.
وقد شاع لدى الناس وصار حديث المجالس وأخذ الناس يخوضون في حكمه.
ويقصد الناس به هو: أن يعقد الرجل على امرأة ويتزوجها بشروط يذكرونها ومنها على سبيل المثال:
أن الزوج لا ينفق عليها أو لا يوفر لها سكنا فتسكن مع أهلها أو في مكان آخر أو أن لا يعدل بينها وبين زوجته الأخرى، أو أن يأتيها نهارا دون الليل أو لا قسم لها في المبيت أو لا مهر لها عند العقد أو لا ترثه إذا مات أو غير ذلك من الشروط.
ويطلقون عليه زواج (( المسيار ) )أو (( السيار ) )أو نحوه وهو في الحقيقة إلغاء لجميع مقومات النكاح فالمقصد من هذا الزواج هو الاستمتاع فقط.
وللأسف الشديد أن الناس اليوم يأخذون الأحكام الشرعية من المجالس والقنوات الفضائية، فيقول أحدهم للآخر مثلا: هل سمعت عن زواج المسيار لقد حللوه في التلفاز أو في المجلس الفلاني أو ...