وقبل الإجابة: لا بد أن نتصور المسألة لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره كما قال علماء أصول الفقه.
وعند التصور لا بد أن نحرر محل الخلاف والنزاع ويدور خلافهم على كونه نكاح متعة أو، لا ولذلك لا بد من أخذ تصور عن نكاح المتعة فالقائلين بأنه متعة حرموه لأجل ذلك وأما القائلين بأنه ليس متعة اختلفوا في جوازه ومنعه فمنهم من كرهه ومنهم من حرمه قياسا على نكاح التحليل ومنهم من أجازه والتفصيل في المسألة أن نقول إن النكح بنية الطلاق لا يخلو من حالين:
الأولى: إما أن يشترط الرجل في العقد بأنه يتزوجها لمدة معينة إما شهر أو سنة أو إلى أن تنتهي الدراسة أو المهمة التي سافر لأجلها أو غير ذلك فهذا لا خلاف في تحريمه وهو داخل في نكاح المتعة لأن الزوج يتمتع بها إذا انتهت المدة المشروطة ينفسخ العقد بينهما تلقائيا وبدون طلاق.
الثانية: أن ينوي الرجل عند الزواج أنه سيطلقها بعد مدة عينها في نفسه ولكن دون أن يكون هناك اشتراط حين العقد ودون علم المرأة فقيل هو (مكروه) وهو رواية في مذهب أحمد وهذا هو القول الأول وقيل (حرام) وهو المشهور عند الحنابلة وأن العقد فاسد وغير صحيح وهو القول الثاني وعللوا ذلك من وجهين الوجه الأول: أن المنوي كالمشروط وهذا الرجل الذي نوى أن يطلقها بعد انتهاء الغرض كأنه اشترط هذه المدة ولو لم يذكرها حين العقد فهو متعة وقد قال عليه الصلاة والسلام:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى".
والوجه الثاني:
قياساً على نكاح التحليل والذي هو نكاح الرجل للمرأة لأجل أن يحللها لزوجها الأول الذي طلقها ثلاثاً فقالوا: لو أن رجلاً تزوج امرأة مطلقة ثلاثاً وهو ينوي بنكاحه لها أن يطلقها ليحللها لزوجها الأول فإن النكاح فاسد ولو لم يشترط هذا الرجل أن يطلقها لتحل لزوجها الأول لأن المنوي كالمشروط فإذا كانت نية التحليل تفسد العقد فكذلك نية المتعة تفسد العقد هذا هو قول الحنابلة وهو رواية في مذهب أحمد ومروي عن الأوزاعي وقيل أنه (يصح) أن يتزوج الرجل المرأة وفي نيته أن يطلقها إذا انتهت المدة المحددة في نفسه كرجوعه من الغربة أو الدراسة في الخارج ونحو ذلك. وهذا هو القول الثالث.
لأن هذا الرجل لم يشترط في العقد أن يتمتع بها إلى وقت معين فلا يصير ذلك نكاح متعة. وقالوا: يوجد فرق بين نكاح المتعة والنكاح بنية الطلاق وهو أن نكاح المتعة إذا تم الأجل والوقت المحدد المشروط حصل الفراق بينهما وانفسخ العقد شاء الزوج أو أبى أما النكاح بنية الطلاق فإنه لا ينفسخ بنهاية المدة، ولأنه يمكن أن يرغب فيها الزوج وتبقى عنده ولا يطلقها وهذا حاصل- والواقع يشهد له- وإذا كانت كتابية ربما أسلمت وحصل لها خير كبير.
وهذا القول هو قول الجمهور وأحد القولين لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو رواية في مذهب أحمد والخلاصة: أن يقال (الصحيح) أن النكاح بنية الطلاق نكاح صحيح وجائز وليس نكاح متعة لأنه لا ينطبق عليه تعريف المتعة وإن كان