اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ حتى نزلت {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إلى قوله {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [سورة النساء:23 - 24] فتركت المتعة وكان الإحصان إذا شاء طلق وإذا شاء أمسك ويتوارثان وليس لهما من الأمر شيء قال ابن القيم: فهاتان الروايتان المقيدتان عن ابن عباس تفسران مراده من الرواية المطلقة.
قال الخطابي: فهذه الرواية الأولى عن ابن عباس تبين لك أنه إنما سلك فيه مسلك الناس وشبهه بالمضطر إلى الطعام، وهو قياس غير صحيح لوجود الفارق، لأن الضرورة في هذا الباب لا تتحقق كهي في باب الطعام الذي به قوام النفس وبعدمه يكون التلف وإنما هذا من باب غلبة الشهوة ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والصلاح، فليس أحدهما في حكم الضرورة كالآخر.
نكاح الشغار هو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته لرجل آخر على أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته ولا مهر بينهما، وهذا النوع محرم فهو مبادلة بدون مهر، سواء اشترطا ذلك أو سكتوا عنه لكن مقصدهم واضح وسمي شغارا لخلوه عن العوض ومنه قولهم: شغر المكان إذا خلا، وقيل: من شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول، فشبه قبحه بقبح بول الكلب ودليل تحريمه حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق (متفق عليه) وفي رواية لمسلم: لا شغار في الإسلام.
ويذكر أن العباس بن عبد الله أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وأنكحه عبد الرحمن ابنته فكتب معاوية إلى مروان ففرق بينهما: وقال معاوية: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله (رواه أحمد) قال شيخ الإسلام: من قال إن النكاح يصح مع نفي المهر فقد أسقط ما أوجبه الله. قال النووي: أجمع العلماء على أن نكاح الشغار منهي عنه.
نكاح المحلل (( التحليل ) )
ونكاح المحلل محرم وسمي محللاً لقصده الحل. والمقصود أن الرجل إذا طلق امرأته طلاقا بائنا فلا تحل له إلا إذا نكحها زوج آخر ثم طلقها هذا الزوج فإنها تحل بعد ذلك للزوج الأول كما في قوله تعالى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [سورة البقرة:235] الآية.
وعن عائشة قالت: طلق رجل امرأته ثلاثا، فتزوجها رجل، ثم طلقها قبل أن يدخل بها فأراد زوجها الأول أن يتزوجها فسئل رسول الله عن ذلك فقال: لا، حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الأول (متفق عليه واللفظ لمسلم) .
وصورة هذا النكاح أن يندم الرجل لطلاق زوجته طلاقا بائنا فيتفق مع رجل آخر ليتزوجها ثم يطلقها لتعود إلى زوجها الأول فيكون هذا النكاح المقصد منه تحليل المرأة بعد طلاقها لزوجها الأول.