يبحث عن مركب، وصاحب الدين خرج إلى البحر ينتظر المدين لعله يأتي على مركب، لأن المدين وعده أن يحضر المبلغ في الموعد، فإذا بالخشبة التي رماها المدين، أمامه فأخذها لأهله ليجعلها حطباً للنار، فلما كسرها وجد المال والورقة، ثم بعد فترة قدم المدين ومعه ألف دينار يريد أن يعطيها صاحب الدين ولم يعلم أن الخشبة وصلت قبله، وقال لصاحب الدين معتذرا عن التأخير: والله ما زلت جاهدا أبحث عن مركب لآتيك بالمال فما وجدت، قال صاحب الدين: هل كنت بعثت إلي بشيء، قال: نعم، قال صاحب الدين: قد وصل وإن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة فانصرف بألفك راشدا.
وبعد أن علمت أخي الزوج ما ينبغي قبل العقد فأوصيك بما يلي:
إن من التمام أن تكون الأعمال الصالحة في مكان طاهر وزمان فاضل، وذلك لزيادة الحسنات ومضاعفة الدرجات والتفاؤل كذلك.
ولذلك يسن أن يكون العقد في مسجد، وأن يحضره جمع من أهل الصلاح زيادة على الشاهدين.
وقد استحب بعض أهل العلم أن يكون العقد مساء يوم الجمعة لأن فيه ساعة الإجابة.
واستحب بعضهم أيضاً أن يكون الزواج في شهر شوال لما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وينى بي في شوال فأي نساء رسول الله كان أحظى عنده مني (رواه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارمي) .
قال النووي رحمه الله: فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول في شوال وقصدت عائشة هذا الكلام الرد على الجاهلية وما كانوا يتخيلونه من كراهة التزوج في شوال، وهذا باطل لا أصل له وكانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع.
ومن السنة كذلك أن يكون قبل العقد خطبة يخطبها العاقد أو غيره من الحاضرين وإن كان هناك من يعقد لهما ويكون عارفاً بأحكام الزواج فهو حسن وهو ما يسمونه اليوم (( مأذون أنكحة ) ).
وهذه الخطبة هي: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ويقرأ ثلاث الآيات وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [سورة النساء:1] .