قيل لأحمد: ترك الزواج أفضل، قال: لا، الزواج أفضل فقيل له: فلان لم يتزوج فقال: أوه، ولكن رسول الله تزوج.
يقول الإمام أحمد رحمه الله: من دعاك إلى العزوبة فقد دعاك إلى غرو الإسلام.
والإبطاء عن الزواج حتى يتقدم الرجل في العمر مثلب عظيم ومزلق خطير لا يتجرع مرارته إلا من جربه.
يقول ابن عباس لرجل: تزوج فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء ولو لم يكن في الحث على الزواج والنهي عن العزوبة إلا قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} [الرعد:38] لكفى وشفى.
وقد جاء في الحديث: (من تزوج فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي) (رواه الطبراني وحسنه الألباني) .
وقال عليه الصلاة والسلام لعكاف بن وداعة الهلالي: ألك زوجة يا عكاف، قال: لا، قال: ولا جارية؟ قال: ولا جارية، قال: وأنت موسر؟ قال: وأنا موسر بخير، قال: أنت إذا من إخوان الشياطين ولو كنت من النصارى كنت من رهبانهم، إن سنتنا شراركم عزابكم وأراذل موتاكم عزابكم ما للشياطين سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجين أولئك المطهرون المبرؤون من الخنا ويحك يا عكاف إنهن صواحب أيوب وداوود ويوسف وكرفس، قال له بشر بن عطية: من كرفس يا رسول الله؟ قال: رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة عام يصوم النهار ويقوم الليل ثم إنه كفر بالله بسبب امرأة عشقها وترك ما كان عليه من عبادة ثم استدركه الله ببعض ما كان منه فتاب عليه، ويحك يا عكاف تزوج وإلا فأنت من المدبرين قال: زوجني يا رسول الله، قال زوجتك كريمة بنت كلثوم الحميري.
ويذكر أن رجلا كان مؤذناً في أحد المساجد عليه علامات الصلاح، وذات يوم صعد المنارة ليؤذن فرأى نصرانية فافتتن بها فذهب إليها فامتنعت أن تجيبه إلى ريبة وشبهة فقال لها: أتزوجك فقالت: أنت مسلم وأنا نصرانية فلا يرضى أبي قال: أتنصر فقالت: الآن يجيبك ويرضى بك فتنصر الرجل وحددوا موعد الزفاف وفي أثناء يوم الزفاف صعد سطحاً لحاجة فزلت قدمه فوقع ميتاً، فلا هو ظفر بها ولا هو ظفر بدينه نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
وأما إن كان العائق والمانع هو ثقل المهر فأنا معك وبضوابط وسيأتي الكلام عن ذلك قريباً، وعموماً فإن ترك الزواج أمر خطير وكبح جماح الشهوة أمر عظيم والرجل إن لم يتزوج فهو في دوامة وتواجهه زوابغ من الفتن قال بعضهم: لا شيء أشد من ترك الشهوة لأن تحريك الساكن أيسر من تسكين المتحرك.
قال ابن الحاج: قال صاحب الأنوار: احذروا الاغترار بالنساء وإن كن نساكاً عباداً فإنهن يركن إلى كل بلية ولا يستوحشن من كل فتنة قال بعض العارفين: ما أيس الشيطان من إنسان قط إلا أتاه من قبل النساء لأن حبس النفس ممكن لأهل الكمال إلا عن النساء.
إن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا