فهرس الكتاب
الصفحة 42 من 363

يعرفه أهل العلم بالحديث، والمرجع إليهم في ذلك. ولذلك لا يوجد هذا في شيء من كتب الحديث التي يرجع إليها أهل العلم بالحديث.

الوجه الثالث: أنه قد ثبت في الصحاح والمساند والتفاسير أن هذه الآية نزلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو واقف بعرفة، وقال رجل من اليهود لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتّخذنا ذلك اليوم عيداً. فقال له عمر: وأيّ آية هي؟ قال: قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [المائدة: 3] فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت، وفي أي مكان نزلت. نزلت يوم عرفة بعرفة، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واقف بعرفة. وهذا مستفيض من وجوه آخر، وهو منقول في كتب المسلمين: الصحاح والمساند والجوامع والسير والتفسير وغير ذلك [1] .

وهذا اليوم كان قبل يوم غدير خُم بتسعة أيام؛ فإنه كان يوم الجمعة تاسع ذي الحجة، فكيف يُقال: إنها نزلت يوم الغدير؟!.

الوجه الرابع: أن هذه الآية ليس فيها دلالة على عليٍّ ولا إمامته بوجه من الوجوه، بل فيها إخبار الله بإكمال الدين وإتمام النعمة على المؤمنين، ورضا الإسلام ديناً. فدعوى المدَّعي أن القرآن يدل على إمامته من هذا الوجه كذب ظاهر.

وإن قال: الحديث يدلّ على ذلك.

فيقال: الحديث إن كان صحيحاً، فتكون الحجة من الحديث لا من الآية. وإن لم يكن صحيحاً، فلا حجة في هذا ولا في هذا.

فعلى التقديرين لا دلالة في الآية على ذلك. وهذا مما يبيّن به كذب الحديث؛ فإن نزول الآية لهذا السبب، وليس فيها ما يدل عليه أصلاً، تناقضُ.

الوجه الخامس: أن هذا اللفظ، وهو قوله:"اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر"

(1) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في: البخاري 1/ 14 (كتاب الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه) 6/ 50 (كتاب التفسير، سورة المائدة) ؛ مسلم 4/ 2312 - 2313 (كتاب التفسير، حديث رقم 3، 4، 5) ، سنن الترمذي 4/ 316 (كتاب التفسير، سورة المائدة) ، سنن النسائي 8/ 100 (كتاب الإيمان وشرائعه، باب زيادة الإيمان) ، المسند (ط. المعارف) 1/ 237؛ تفسير ابن كثير 3/ 24.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام