وعبد الله حتى أتاه اليقين من ربّه. ففي حياته يجب عليه جهاد الأعداء، وتقسيم الفيء، وإقامة الحدود، واستعمال العمّال، وغير ذلك مما يجب على ولاة الأمور بعده، وبعد موته لا يجب عليه شيء من ذلك.
فليس الاستخلاف في الحياة كالاستخلاف بعد الموت. والإنسان إذا استخلف أحداً في حياته على أولاده وما يأمر به من البرّ، كان المستخلف وكيلاً محضاً يفعل ما أمر به الموكِّل، وإن استخلف أحداً على أولاده بعد موته، كان وليّاً مستقلاًّ يعمل بحسب المصلحة، كما أمر الله ورسوله، ولم يكن وكيلاً للميّت.
وهكذا أولو الأمر إذا استخلف أحدهم شخصاً في حياته، فإنه يفعل ما يأمره به في القضايا المعيّنة. وأما إذا استخلفه بعد موته فإنه يتصرف بولايته كما أمر الله ورسوله، فإن هذا التصرف مضاف إليه لا إلى الميت، بخلاف ما فعله في الحياة بأمر مستخلفه، فإنه يُضاف إلى من استخلفه لا إليه. فأين هذا من هذا؟!.
ولم يقل أحد من العقلاء: إن من استخلف شخصاً على بعض الأمور. وانقضى ذلك الاستخلاف: إنه يكون خليفة بعد موته على شيء، ولكن الرافضة من أجهل الناس بالمعقول والمنقول.
الفصل الرابع
نقض قياس الرافضة الاستخلاف في الممات على الاستخلاف في المغيب
قال الرافضي: الرابع:"أنه صلَّى الله عليه وسلَّم استخلفه على المدينة مع قصر مدة الغيبة، فيجب أن يكون خليفة له بعد موته. وليس غير عليّ إجماعاً، ولأنه لم يعزله عن المدينة، فيكون خليفة له بعد موته فيها، وإذا كان خليفة فيها كان خليفة في غيرها إجماعاً".
والجواب: أن هذه الحجة وأمثالها من الحجج الداحضة، التي هي من جنس بيت العنكبوت. والجواب عنها من وجوه:
أحدها: أن نقول على أحد القولين: إنه استخلف أبا بكر بعد موته كما تقدم. وإذا قالت الرافضة: بل استخلف عليّاً. قيل: الراوندية من جنسكم قالوا: استخلف العبّاس، وكل من كان له علم بالمنقولات الثابتة يعلم أن الأحاديث الدالة على استخلاف أحدٍ بعد موته إنما