فهرس الكتاب
الصفحة 28 من 363

عليه وسلّم أيضاً لا يُقال أنه متولٍّ على الناس، وأنه أمير عليهم، فإن قَدْرَهُ أجلّ من هذا. بل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لم يكونوا يسمونه إلا خليفة رسول الله. وأول من سُمِّي من الخلفاء"أمير المؤمنين"هو عمر رضي الله عنه.

وقد رُوي أن عبد الله بن جحش كان أميراً في سرية، فسُمِّي أمير المؤمنين، لكن إمارة خاصة في تلك السرية، لم يسم أحد بإمارة المؤمنين عموماً قبل عمر، وكان خليقاً بهذا الاسم.

وأما الولاية المخالفة للعداوة فإنه يتولّى عباده المؤمنين، فيحبهم ويحبونه، ويرضى عنهم ويرضون عنه. ومن عادى له وليّاً فقد بارزه بالحاربة. وهذه الولاية من رحمته وإحسانه، ليست كولاية المخلوق للمخلوق لحاجته إليه.

قال تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ} [الإسراء: 111] فالله تعالى ليس له وليٌّ من الذل، بل هو القائل: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10] ، بخلاف الملوك وغيرهم ممن يتولاه لذاته، إذا لم يكن له ولي ينصره.

الوجه التاسع عشر: أنه ليس كل من تولّى عليه إمام عادل فيكون من حزب الله، ويكون غالباً؛ فإن أئمة العدل يتولُّون على المنافقين والكفّار، كما كان في مدينة النبي صلّى الله عليه وسلّم تحت حكمه ذمّيون ومنافقون. وكذلك كان تحت ولاية عليّ كفّار ومنافقون. والله تعالى يقول: {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة: 56] ، فلو أراد الإمارة لكان المعنى: إن كل من تأمّر عليهم الذين آمنوا يكونون من حزبه الغالبين، وليس كذلك. وكذلك الكفّار والمنافقون تحت أمر الله الذي هو قضاؤه وقدره، مع كونه لا يتولاهم بل يبغضهم.

الفصل الثاني

الرد على من ادَّعى أن القرآن يدل على أن إمامه

عليّ مما أمر بتبليغه صلّى الله عليه وسلّم

قال الرافضي:"البرهان الثاني: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] ، اتفقوا على نزولها في عليّ، وروى أبو نُعيم"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام