وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ [الأنفال: 72] . ولا ريب أن جهاد أبي بكر بماله ونفسه أعظم من جهاد عليّ وغيره.
كما قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الصحيح:"إن أمنّ الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر" [1] .
وقال:"ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر" [2] . وأبو بكر كان مجاهداً بلسانه ويده، وهو أول من دعا إلى الله، وأوّل من أوذِيَ في الله بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأوّل من دافع عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وكان مشاركاً لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في هجرته وجهاده حتى كان هو وحده معه في العريش يوم بدر، وحتى أن أبا سفيان يوم أحد لم يسأل إلا عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأبي بكر وعمر، لما قال: أفيكم محمد؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"لا تجيبوه". فقال: أفيكم ابن أبي قحافة؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"لا تجيبوه"فقال أفيكم ابن الخطاب؟ فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:"لا تجيبوه". فقال: أما هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت عدوّ الله، إن الذين عددت لأحياء، وقد أبقى الله لك ما يخزيك"ذكره البخاري وغيره [3] ."
الفصل السادس عشر
التنبيه على أن كل ما روي في مسند أحمد ليس بالضروري أن يكون صحيحاً
(1) هذا جزء من حديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وسبق فيما مضى، والحديث أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما في المسند (ط. المعارف) 4/ 134، (ط. الحلبي) 3/ 477 - 478، 4/ 211 - 212 (عن أبي سعيد بن المعلّى رضي الله عنه) .
(2) الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه في: سنن ابن ماجه 1/ 36 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، باب فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه) ونصه:"ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر. قال: فبكى أبو بكر وقال: يا رسول الله: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله"؟. والحديث في: المسند (ط. المعارف) 13/ 183 وصحيح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله الحديث وخالف تضعيف البوصيري له في زوائده، وصححه الألباني أيضاً في طصحيح الجامع الصغير"5/ 190. والحديث أيضاً في المسند (ط. المعارف) 16/ 320 - 321 مطولاً."
(3) سبق الحديث فيما مضى 1/ 216.