فهرس الكتاب
الصفحة 120 من 363

إطعام الجائع من جنس الصدقة المطلقة، التي يمكن كل واحد فعلها إلى يوم القيامة، بل وكل أمة يطعمون جياعهم من المسلمين وغيرهم، وإن كانوا لا يتقربون إلى الله بذلك، بخلاف المؤمنين، فإنهم يفعلون ذلك لوجه الله، بهذا تميزوا. كما قال تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا} [الإنسان: 9] .

وأما إنفاق الصّدّيق ونحوه، فإنه كان في أول الإسلام، لتخليص من آمن، والكفّار يؤذونه أو يريدون قتله. مثل اشترائه بماله سبعة كانوا يعذَّبون في الله، منهم بلال، حتى قال عمر: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا، يعني بلالاً [1] .

وإنفاقه على المحتاجين من أهل الإيمان وفي نصر الإسلام، حيث كان أهل الأرض قاطبة أعداء الإسلام. وتلك النفقة ما بقي يمكن مثلها. ولهذا قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث المتفق على صحته:"لا تسبُّوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أُحُد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه"وهذا في النفقة التي اختصوا بها. وأما جنس إطعام الجائع مطلقاً، فهذا مشترك يمكن فعله إلى يوم القيامة.

الفصل الثاني والعشرون

الرد على من ادّعى الإمامة لعلي بأنه اختص بفضيلة الصدق دون غيره

قال الرافضي:"البرهان الثاني والعشرون: قوله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33] ."

من طريق أبي نُعيم عن مجاهد في قوله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} : محمد صلَّى الله عليه وآله، {وَصَدَّقَ بِهِ} : قال: عليّ بن أبي طالب.

ومن طريق الفقيه الشافعي [2] عن مجاهد: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} قال: جاء به محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وصدَّق به عليّ. وهذه فضيلة اختص بها، فيكون هو الإمام"."

والجواب من وجوه: أحدها: أن هذا ليس منقولاً عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وقول مجاهد وحده ليس بحجة يجب اتباعها على كل مسلم، لو كان هذا النقل صحيحاً عنه، فكيف

(1) ذكر هذا الأثر أبو نعيم الأصبهاني في"حلية الأولياء"1/ 147.

(2) "مناقب الإمام علي"ص 269. (م) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام