الخامس: أن يقال: المخالفة تقدح في المودة إذا أمر بطاعته أو لم يؤمر؟ والثاني منتف ضرورة. وأما الأول فإنّا نعلم أن عليّاً لم يأمر الناس بطاعته في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان.
السادس: يُقال: هذا بعينه يُقال في حق أبي بكر وعمر وعثمان، فإن مودتهم ومحبتهم وموالاتهم واجبة كما تقدم، ومخالفتهم تقدم في ذلك.
السابع: الترجيح من هذا الحديث، لأن القوم دعوا الناس إلى ولايتهم وطاعتهم وادّعوا الإمامة، والله أوجب طاعتهم، فمخالفتهم تقدح في مودتهم، بل تقدح في محبة الله ورسوله. ولا ريب أن الذي ابتدع الرفض لم يكن محبّاً لله ولرسوله، بل كان عدواً لله.
وهؤلاء القوم مع أهل السنة بمنزلة النصارى مع المسلمين، فالنصارى يجعلون المسيح إلهاً، ويجعلون إبراهيم وموسى ومحمداً أقل من الحواريين الذين كانوا مع عيسى. وهؤلاء يجعلون عليّاً هو الإمام المعصوم، أو هو النبي أو إله، والخلفاء الأربعة أقل من مثل الأشتر النخعي، وأمثاله الذين قاتلوا معه. ولهذا كان جهلهم وظلمهم أعظم من أن يوصف، ويتمسكون بالمنقولات المكذوبة، والألفاظ المتشابهة، والأقيسة الفاسدة، ويدعون المنقولات الصادقة بل المتواترة، والنصوص البيّنة، والمعقولات الصريحة.
الفصل الثامن
الرد على من ادّعى الإمامة لعلي بقوله إنه اختص
عن باقي الصحابة بفضيلة الفداء
قال الرافضي:"البرهان الثامن: قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] قال الثعلبي: إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لَمّا أراد الهجرة خلف عليّ بن أبي طالب لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار، وقد أحاط المشركون بالدار، أن ينام على فراشه، فقال له: يا عليّ اتشح ببردي الحضرمي الأخضر، ونم على فراشي، فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى، ففعل ذلك."
فأوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل أني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله إليها: ألا كنتما مثل عليّ بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد عليه الصلاة والسلام فبات على فراشه يفديه