فهرس الكتاب
الصفحة 74 من 363

بنفسه ويؤثره بالحياة؟ اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه.

فنزلا، فكان جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، فقال جريل: بخٍ بخٍ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة؟ فأنزل الله عزَّ وجلَّ على رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [البقرة: 207] . وقال ابن عباس: إنما نزلت في عليّ لَمّا هرب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من المشركين إلى الغار، وهذه فضيلة لم تحصل لغيره تدل على أفضلية عليّ على جميع الصحابة، فيكون هو الإمام"."

الجواب من وجوه:

أحدها: المطالبة بصحة هذا النقل. ومجرد نقل الثعلبي وأمثاله لذلك، بل روايتهم، ليس بحجة باتفاق طوائف أهل السنة والشيعة، لأن هذا مرسل متأخر، ولم يذكر إسناده، وفي نقله من هذا الجنس للإسرائيليات والإسلاميات أمور يُعلم أنها باطلة، وإن كان هو لم يتعمد الكذب.

ثانيها: أن هذا الذي نقله من هذا الوجه كذب باتفاق أهل العلم بالحديث والسيرة [1] ، والمرجع إليهم في هذا الباب.

الثالث: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لما هاجر هو وأبو بكر إلى المدينة لم يكن للقوم غرض في طلب عليّ، وإنما كان مطلوبهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأبا بكر، وجعلوا في كل واحد منهما ديته لمن جاء به، كما ثبت ذلك في الصحيح الذي لا يستريب أهل العلم في صحته [2] ، وترك عليّاً في فراشه ليظنوا أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في البيت فلا يطلبوه، فلما أصبحوا وجدوا عليّاً فظهرت خيبتهم، ولم يؤذوا عليّاً، بل سألوه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخبرهم أنه لا علم له به، ولم يكن هناك خوف على عليٍّ من أحد، وإنما كان الخوف على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وصدِّيقه، ولو كان لهم في عليٍّ غرض لتعرضوا له لما وجدوه، فلما لم يتعرضوا له دلّ على أنهم لا غرض لهم فيه، فأيّ فداء هنا بالنفس؟.

والذي كان يفديه بنفسه بلا ريب، ويقصد أن يدفع بنفسه عنه، ويكون الضرر به دونه،

(1) لم أجد هذا الحديث الموضوع في كتب الحديث والسيرة، وانظر ما يلي في الصفحات التالية.

(2) الحديث عن عائشة رضي الله عنها في البخاري 5/ 58 - 60 (كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه إلى المدينة) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام