والنهار، سواء قيل: هما منصوبان على المصدر، لأنهما نوعان من الإنفاق. أو قيل: على الحال. فسواء قُدِّرا سرّاً وعلانية، أو مُسِرّاً ومعلنا، فتبين أن الذي كَذَب هذا كان جاهلاً بدلالة القرآن. والجهل في الرافضة ليس بمنكر.
الخامس: أنّا لو قدرنا أن عليّاً فعل ذلك، ونزلت فيه الآية، فهل هنا إلا إنفاق أربعة دراهم في أربعة أحوال؟ وهذا عمل مفتوح بابه ميسّر إلى يوم القيامة. والعاملون بهذا وأضعافه أكثر من أن يُحصوا، وما من أحدٍ فيه خير إلا ولابد أن ينفق إن شاء الله، تارة بالليل وتارة بالنهار، وتارة في السرّ وتارة في العلانية، فليس هذا من الخصائص، فلا يدل على فضيلة الإمامة.
الفصل الثامن والعشرون
الرد على من ادّعى الإمامة لعليّ بقوله إنه أفضلهم لأن الله عاتب أصحاب محمد في القرآن عدا علي
قال الرافضي:"البرهان الثامن والعشرون: ما رواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال: ليس من آية في القرآن: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلا وعليّ رأسها وأميرها، وشريفها وسيدها، ولقد عاتب الله تعالى أصحاب محمد في القرآن، وما ذكر عليّاً إلا بخير. وهذا يدل على أنه أفضل، فيكون هو الإمام".
والجواب من وجوه: أحدها: المطالبة بصحة النقل. وليس هذا في مسند أحمد، ولا مجرد روايته له - لو رواه - في"الفضائل"يدل على أنه صدق، فكيف ولم يروه أحمد: لا في المسند، ولا في"الفضائل"وإنما هو من زيادات القطيعي، رواه [1] عن إبراهيم عن شريك الكوفي حدثنا زكريا بن يحيى الكسائي حدثنا عيسى [2] عن عليّ بن بَذيمة، عن عكرمة، عن ابن عباس. ومثل هذا الإسناد لا يحتج به باتفاق أهل العلم؛ فإن زكريا بن يحيى الكسائي: قال فيه يحيى:"رجل سوء يحدّث بأحاديث يستأهل أن يُحفر له فيُلقى فيها". وقال الدارقطني:"متروك". وقال ابن عدي:"كان يحدّث بأحاديث في مثالب الصحابة" [3] .
(1) في كتاب"فضائل الصحابة"2/ 654 (رقم 1114) .
(2) فضائل الصحابة: حدثنا إبراهيم بن شريك الكوفي، ثنا زكريا بن يحيى الكسائي، ثنا عيسى.
(3) قال الدكتور وصي الله في تعليقه:"إسناده ضعيف جداً لأجل زكريا من يحيى الكسائي".