الله تاب الله عليه، وإن لم يقسم عليه بأحد. فكيف يحتاج آدم في توبته إلى ما لا يحتاج إليه أحد من المذنبين: لا مؤمن ولا كافر؟ وطائفة قد رووا أنه توسّل بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم حتى قَبِلَ توبته، وهذا كذب. ورُوي عن مالك في ذلك حكاية في خطابه للمنصور، وهو كذب على مالك، وإن كان ذكرها القاضي عياض في"الشفا".
الخامس: أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يأمر أحداً بالتوبة بمثل هذا الدعاء، بل ولا أمر أحداً بمثل هذا الدعاء في توبة ولا غيرها، بل ولا شرع لأمته أن يقسموا على الله بمخلوق، كان هذا الدعاء مشروعاً لشرعه لأمته.
السادس: أن الإقسام على الله بالملائكة والأنبياء أمر لم يرد به كتاب ولا سنة، بل قد نصّ غير واحد من أهل العلم - كأبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهما - على أنه لا يجوز أن يقسم على الله بمخلوق. وقد بسطنا الكلام على ذلك.
السابع: أن هذا لو كان مشروعاً فآدم نبيّ كريم، كيف يقسم على الله بمن هو أكرم عليه منه؟ ولا ريب أن نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم أفضل من آدم، لكن آدم أفضل من عليّ وفاطمة وحسن وحسين.
الثامن: أن يُقال: هذه ليست من خصائص الأئمة، فإنها قد ثبتت لفاطمة. وخصائص الأئمة لا تثبت للنساء وما لم يكن من خصائصهم لم يستلزم الإمامة، فإن دليل الإمامة لابد أن يكون ملزوماً لها، يلزم من وجوده استحقاقها، فلو كان هذا دليلاً على الإمامة لكان من يتصف به يستحقها، والمرأة لا تكون إماماً بالنص والإجماع.
الفصل الحادي عشر
الرد على من روى عن ابن مسعودٍ حديث انتهت الدعوة إليّ وإلى عليّ
قال الرافضي:"البرهان الحادي عشر: قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي} [البقرة: 124] . روى الفقيه ابن المغازلي [1] الشافعي عن ابن مسعود، قال: قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: انتهت الدعوة إليّ وإلى عليّ، لم يسجد أحدنا لصنم قط، فاتخذني نبي واتخذ عليّاً وصي. وهذا نص في الباب".
(1) "مناقب الإمام علي"ص 277. (م) .