فهرس الكتاب
الصفحة 263 من 363

أحد من الناس"."

والجواب: أن هذا الحديث إن صح فليس فيه شيء من خصائص الأئمة ولا خصائص عليّ؛ فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يصلّي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع على منكبه، إذا قام حملها، وإذا سجد وضعها. وكان إذا سجد جاء الحسن فارتحله، ويقول:"إن ابني ارتحلني" [1] وكان يقبل زبيبة الحسن. فإذا كان يحمل الطفلة والطفل لم يكن في حمله لعليّ ما يوجب أن يكون ذلك من خصائصه، بل قد أشركه فيه غيره، وإنما حمله لعجز عليّ عن حمله، فهذا يدخل في مناقب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وفضيلة من يحمل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أعظم من فضيلة من يحمله النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، كما حمله يوم أحد من حمله من الصحابة، مثل طلحة بن عبيد الله [2] ، فإن هذا نفع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وذاك نفعه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ومعلوم أن نفعه بالنفس والمال أعظم من انتفاع الإنسان بنفس النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وماله.

الفصل الثامن عشر

حديث أنت مني وأنا منك

(1) الحديث عن عبد الله بن شديد عن أبيه شداد بن الهاد رضي الله عنه في: سنن النسائي 2/ 182 (كتاب التطبيق، باب هل يجوز أن تكون سجدة أطول من سجدة) ونصه فيه: خرج علينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في إحدى صلاتي العشاء وهو حامل حسناً أو حسيناً، فتقدم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فوضعه ثم كبّر للصلاة، فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها. قال أبي: فرفعت رأسي، وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي، فلما قضى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الصلاة، قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك. قال:"كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته". والحديث في المسند (ط. الحلبي) 3/ 493 - 494.

(2) عن الزبير بن العوام رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/ 307 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي محمد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه) قال: كان على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يوم أحد درعان، فنهض إلى الصخرة، فلم يستطع، فأقعد تحته طلحة فصعد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حتى استوى على الصخرة. قال: فسمعت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:"أوجب طلحة"قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح غريب"والحديث في: المسند (ط. المعارف) 3/ 12 (وصححه أحمد شاكر رحمه الله) ؛ سيرة ابن هشام 3/ 91 - 92.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام