الصحابة.
وأي تقدير قُدِّر في الحديث لا يمكن تخصيص بيت عليّ بأنه من بيوت الأنبياء، دون بيت أبي بكر وعمر وعثمان ونحوهم. وإذا لم يكن له اختصاص، فالرجال مشتركون بينه وبين غيره.
الوجه الثامن: أن يقال: قوله: الرجال المذكورون موصوفون بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ليس في الآية ما يدل على أنهم أفضل من غيرهم، وليس فيها ذكر ما وعدهم الله به من الخير، وفيها الثناء عليهم، ولكن ليس كل من أثنى عليه أو وُعد بالجنة يكون أفضل من غيره، ولهذا لم يلزم أن يكون هو أفضل من الأنبياء.
الوجه التاسع: أن يُقال: هب أن هذا يدل على أنهم أفضل ممن ليس كذلك من هذا الوجه، لكن لم قلت: إن هذه الصفة مختصة بعليّ؟ بل كل من كانت لا تلهيه التجارة والبيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ويخاف يوم القيامة، فهو متصف بهذه الصفة. فلم قلت: إنه ليس متصف بذلك إلا عليّاً؟ ولفظ الآية يدل على أنهم رجال ليسوا رجلاً واحداً، فهذا دليل على أن هذا لا يختص بعليّ، بل هو وغيره مشتركون فيها. وحينئذ فلا يلزم أن يكون أفضل من المشاركين له فيها.
الوجه العاشر: أنه لو سُلِّم أن عليّاً أفضل من غيره في هذه الصفة، فلم قلت: إن ذلك يوجب الإمامة؟
وأما امتناع تقديم المفضول على الفاضل إذا سُلِّم، فإنما هو في مجموع الصفات التي تناسب الإمامة، وإلا فليس كل من فُضِّل في خصلة من الخير استحق أن يكون هو الإمام. ولو جاز هذا لقيل: ففي الصحابة من قتل من الكفّار أكثر مما قتل عليّ، وفيهم من أنفق من ماله أكثر مما أنفق عليّ، وفيهم من كان أكثر صلاة وصياماً من عليّ، وفيهم من أوذي في الله أكثر من عليّ، وفيهم من كان أسنّ من عليّ، وفيهم من كان عنده من العلم ما ليس عند عليّ.
وبالجملة لا يمكن أن يكون واحدٌ من الأنبياء له مثل ما لكل واحد من الأنبياء من كل وجه، ولا أحد من الصحابة يكون له مثل ما لكل أحد من الصحابة من كل وجه، بل يكون في المفضول نوع من الأمور التي يمتاز بها عن الفاضل، ولكن الاعتبار في التفضيل بالمجموع.
الفصل السابع
الرد على من ادّعى اختصاص عليّ بالإمامة