فهرس الكتاب
الصفحة 204 من 363

فعليّ واليه. وإنما اللفظ"من كنت مولاه فعليّ مولاه".

وأما كون المولى بمعنى الوالي، فهذا باطل. فإن الولاية تثبت من الطرفين، فإن المؤمنين أولياء الله، وهو مولاهم.

وأما كونه أولى بهم من أنفسهم، فلا يثبت إلا من طرفه صلَّى الله عليه وسلَّم. وكونه أولى بكل مؤمن من نفسه من خصائص نبوته، ولو قُدِّر أنه نصَّ على خليفة من بعده، لم يكن ذلك موجباً أن يكون أولى بكل مؤمن من نفسه، كما أنه لا يكون أزواجه أمهاتهم. ولو أريد هذا المعنى لقال: من كنت أولى به من نفسه. وهذا لم يقله، ولم ينقله أحد، ومعناه باطل قطعاً؛ لأن كون النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أولى بكل مؤمن من نفسه أمر ثابت في حياته ومماته، وخلافة عليّ - لو قدر وجودها - لم تكن إلا بعد موته، لم تكن في حياته، فلا يجوز أن يكون عليٌّ خليفة في زمنه، فلا يكون حينئذ أولى بكل مؤمن من نفسه، بل ولا يكون مولى أحد من المؤمنين، إذا أريد به الخلافة.

وهذا مما يدل على أنه لم يُرِد الخلافة؛ فإن كونه وليّ كل مؤمن، وصف ثابت له في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، لم يتأخر حكمه إلى الموت. وأما الخلافة فلا يصير خليفة إلا بعد الموت. فعُلم أن هذا ليس هذا.

وإذا كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم في حياته وبعد مماته إلى يوم القيامة، وإذا استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته، أو قُدِّر أنه استخلف أحداً على بعض الأمور في حياته، أو قُدِّر أنه استخلف أحداً بعد موته، وصار له خليفة بنص أو إجماع، فهو أولى بتلك الخلافة وبكل المؤمنين من أنفسهم، فلا يكون قط غيره أولى بكل مؤمن من نفسه، لا سيما في حياته.

وأما كون عليّ وغيره مولى كل مؤمن، فهو وصف ثابت لعليّ في حياة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وبعد مماته، وبعد ممات عليّ، فعليّ اليوم مولى كل مؤمن، وليس اليوم متولياً على الناس. وكذلك سائر المؤمنين بعضهم أولياء بعض أحياءً وأمواتاً.

الفصل الثالث

نقض احتجاج الرافضة بحديث"أنت مني بمنزلة هارون من موسى"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام