فهرس الكتاب
الصفحة 203 من 363

المؤمنين بعضهم أولياء بعض.

فالموالاة ضد المعاداة، وهي تثبت من الطرفين، وإن كان أحد المتواليين أعظم قدراً، وولايته إحسان وتفضل، وولاية الآخر طاعة وعبادة، كما أن الله يحب المؤمنين، والمؤمنون يحبونه. فإن الموالاة ضد المعاداة والمحاربة والمخادعة، والكفّار لا يحبون الله ورسوله، ويحادّون الله ورسوله ويعادونه.

وقد قال تعالى: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} [الممتحنة: 1] . وهو يجازيهم على ذلك، كما قال تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] .

وهو وليّ المؤمنين وهو مولاهم يخرجهم من الظلمات إلى النور. وإذا كان كذلك فمعنى كون الله وليّ المؤمنين ومولاهم، وكون الرسول وليهم ومولاهم، وكون عليّ مولاهم، هي الموالاة التي هي ضد المعاداة.

والمؤمنين يتولون الله ورسوله الموالاة المضادة لملعاداة، وهذا حكم ثابت لكل مؤمن، فعليُّ رضي الله عنه من المؤمنين الذين يتولون المؤمنين ويتولونه.

وفي هذا الحديث إثبات إيمان عليّ في الباطن، والشهادة له بأنه يستحق الموالاة باطناً وظاهراً، وذلك يرد ما يقوله فيه أعداؤه من الخوارج والنواصب، لكن ليس فيه أنه ليس للمؤمنين مولى غيره فكيف ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم له موالي، وهم صالحوا المؤمنين، فعليّ أيضاً له مولى بطريق الأولى والأحرى، وهم المؤمنون الذين يتولونه.

وقد قال الني صلَّى الله عليه وسلَّم: إن أسلم وغفاراً ومزينة وجهينة وقريشاً والأنصار ليس لهم مولى دون الله ورسوله [1] ، وجعلهم موالي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كما جعل صالح المؤمنين مواليه والله ورسوله مولاهم.

وفي الجملة فرق بين الوليّ والمولى ونحو ذلك وبين الوالي. فباب الولاية - التي هي ضدّ العداوة - شيء، وباب الولاية - التي هي الإمارة - شيء.

والحديث إنما هو في الأولى دون الثانية. والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقل: من كنت واليه

(1) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي هريرة وأبي أيوب رضي الله عنهما في: البخاري 4/ 179 - 180، 181 (كتاب المناقب، باب مناقب قريش، باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع) ، مسلم 4/ 1954 - 1955 (كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل غفار وأسلم ... ) ، سنن الترمذي 5/ 385 (كتاب المناقب، باب في غفار وأسلم وجهينة ومزينة) ، (ط. المعارف) 15/ 28، (ط. الحلبي) 2/ 388، 467 - 468، 481، 5/ 194 (عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام