قلت: هذا يدل على أن أئمة أهل العلم لم يكونوا يصدقون بهذا الحديث، فإنه لم يروه إمام من أئمة المسلمين. وهذا أبو حنيفة، أحد الأئمة المشاهير، وهو لا يُتهم على عليّ، فإنه من أهل الكوفة دار الشيعة، وقد لقي من الشيعة، وسمع من فضائل عليّ ما شاء الله، وهو يحبه ويتولاه، ومع هذا أنكر هذا الحديث على محمد بن النعمان. وأبو حنيفة أعلم وأفقه من الطحاوي وأمثاله، ولم يجبه ابن النعمان بجواب صحيح، بل قال: عن غير من رويت عنه حديث: يا سارية الجبل.
فيقال له: هب أن ذلك كذب، فأي شيء في كذبه مما يدل على صدق هذا. فإن كان كذلك، فأبو حنيفة لا يُنكر أن يكون لعمر وعليّ وغيرهما كرامات، بل أنكر هذا الحديث للدلائل الكثيرة على كذبه ومخالفته للشرع والعقل، وأنه لم يروه أحدٌ من العلماء المعروفين بالحديث، من التابعين وتابعيهم، وهم الذين يروون عن الصحابة، بل لم يروه إلا كذّاب أو مجهول لا يُعلم عدله وضبطه، فكيف يُقبل هذا من مثل هؤلاء؟!
وسائر علماء المسلمين يودون أن يكون مثل هذا صحيحاً، لما فيه من معجزات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وفضيلة عليّ، على الذين يحبونه ويتولونه، ولكنهم لا يستجيزون التصديق بالكذب، فردوه ديانة.
من كتاب
"الإمامة في ضوء الكتاب والسنة"
1 -فهرس الآيات القرآنية الكريمة.
2 -فهرس الأحاديث النبوية الشريفة.
3 -فهرس الآثار.
4 -فهرس الأعلام.
5 -فهرس الكتب الواردة بالمتن.
6 -فهرس الأماكن والبلدان.