الفصل العاشر
الرد على من ادّعى الإمامة لعليّ بقوله هو مساوي للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم في التوسل به إلى الله تعالى
قال الرافضي:"البرهان العاشر: قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي [1] بإسناده عن ابن عباس، قال: سُئل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه. قال: سأله بحق محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين أن يتوب عليه، فتاب عليه. وهذه فضيلة لم يلحقه أحد من الصحابة فيها، فيكون هو الإمام لمساواته النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في التوسل به إلى الله تعالى".
والجواب من وجوه:
أحدها: المطالبة بصحة هذا النقل، فقد عُرف أن مجرد رواية ابن المغازلي لا يسوغ الاحتجاج بها باتفاق أهل العلم.
الثاني: أن هذا الحديث كذب موضوع باتفاق أهل العلم، وذكره أبو الفرج بن الجوزي في"الموضوعات"من طري قالدارقطني [2] ، فإن له كتباً في الأفراد والغرائب [3] . قال الدارقطني:"تفرّد به عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي المقدام، لم يروه عنه غير حسن الأشقر. قال يحيى بن معين: عمرو بن ثابت ليس ثقة ولا مأموناً. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات".
الثالث: أن الكلمات التي تلقّاها آدم قد جاءت مفسّرة في قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] وقد رُوي عن السلف هذا وما يشبهه [4] وليس في شيء من النقل الثابت عنهم ما ذكره من القسم.
الرابع: أنه معلوم بالاضطرار أن من هو دون آدم من الكفّار والفساق إذا تاب أحدهم إلى
(1) انظر"مناقب الإمام علي"ص 63. (م) .
(2) لم أستطع العثور على هذا الحديث الموضوع في كتاب"الموضوعات"لابن الجوزي. قال أبو عبد الرحمن: انظر: اللآلئ للسيوطي (1/ 210) ، تنزيه الشريعة (1/ 295) ، الفوائد المجموعة للشوكاني (394) .
(3) ذكر سزكين من كتب الدارقطني المخطوطة كتاب"الفوائد الأفراد"وكتاب"الفوائد المنتقاة الغرائب الحسان". انظر: سزكين م 1 جص 422.
(4) النظر في هذا: زاد المسير لابن الجوزي 1/ 69؛ تفسير ابن كثير (ط. الشعب) 1/ 116.