وأيضاً فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم إنما كان يقدّم الصديق في المواضع التي لا تحتمل المشاركة، كاستخلافه في الصلاة والحج، ومصاحبته وحده في سفر الهجرة، ومخاطبته وتمكينه من الخطاب، والحكم والإفتاء بحضرته ورضاه بذلك، إلى غير ذلك من الخصائص التي يطول وصفها.
ومن كان أكمل في هذا الوصف، كان أكرم عند الله، فيكون أحب إليه. فقد ثبت بالدلائل الكثيرة أن أبا بكر هو أكرم الصحابة في الصديقيّة. وأفضل الخلق بعد الأنبياء الصدِّيقون، ومن كان أكمل في ذلك كان أفضل.
وأيضاً فقد ثبت في النقل الصحيح عن عليّ أنه قال:"خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر"واستفاض ذلك وتواتر عنه، وتوعّد بجلد المفتري من يفضّله عليه، وروي عنه أنه سمع ذلك من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا ريب أن عليّاً لا يقطع بذلك إلا عن علم.
وأيضاً فإن الصحابة أجمعوا على تقديم عثمان الذي عمر أفضل منه وأبو بكر أفضل منهما. وهذه المسألة مبسوطة في غير هذا الموضع، وتقدّم بعض ذلك، ولكن ذُكر هذا لنبين أن حديث الطير من الموضوعات.
الفصل التاسع
سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين هو رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم باتفاق المسلمين
قال الرافضي:"التاسع: ما رواه الجمهور أنه أمر الصحابة أن يسلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، وقال: إنه سيد المسلمين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين. وقال: هذا وليّ كل مؤمن بعدي. وقال في حقّه: إن عليّاً مني وأنا منه، أولى بكل مؤمن ومؤمنة، فيكون عليّ وحده هو الإمام لذلك. وهذه نصوص في الباب".
والجواب من وجوه:
أحدهما: المطالبة بإسناده وبيان صحته، وهو لم يعزه إلى كتاب على عادته. فأما قوله:"رواه الجمهور"فكذب، فليس هذا في كتب الأحاديث المعروفة: لا الصحاح، ولا المساند، ولا السنن وغير ذلك. فإن كان رواه بعض حاطبي الليل كما يُروى أمثاله، فعُلِم أن مثل هذا ليس