فهرس الكتاب
الصفحة 164 من 363

وكثير من المعتزلة والجهمية، وأنهم هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات دون من سواهم، كقول اليهود والنصارى: {لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 111، 112] وهذا عام في كل من عمل لله بما أمره الله، فالعمل الصالح هو المأمور به، وإسلام وجهه لله إخلاص قصده لله.

الفصل الرابع والثلاثون

الرد على من ادّعى الإمامة لعليّ بقوله إنه اختص بمصاهرته للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم

قال الرافضي:"البرهان الرابع والثلاثون: قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54] ."

في تفسير الثعلبي عن ابن سيرين قال: نزلت في النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وعلي بن أبي طالب: زوَّج فاطمة عليّاً، وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً، ولم يثبت لغيره ذلك، فكان أفضل، فيكون هو الإمام"."

الجواب من وجوه: أولاً: المطالبة بصحة النقل.

وثانياً: أن هذا كذب على ابن سيرين بلا شك.

وثالثاً: أن مجرد قول ابن سيرين الذي خالفه فيه الناس ليس بحجة.

الرابع: أن يُقال: هذه الآية في سورة الفرقان، وهي مكية. وهذا من الآيات المكية باتفاق الناس قبل أن يتزوج عليّ بفاطمة، فكيف يكون ذلك قد أُريد به عليّ وفاطمة؟!.

الخامس: أن الآية مطلقة في كل نسب وصهر [1] ، لا اختصاص لها بشخص دون شخص، ولا ريب أنها تتناول مصاهرته لعليّ، كما تتناول مصاهرته لعثمان مرتين، كما تتناول مصاهرة أبي بكر وعمر للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم تزوج عائشة بنت أبي

(1) يقول ابن كثير في تفسير للآية: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا} الآية، أي خلق الإنسان من نطفة ضعيفة فسواه وعدله وجعله كامل الخلقة ذكراً وأنثى كما يشاء {فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} فهو في ابتداء أمره ولد نسيب، ثم يتزوج فيصير صهراً، ثم يصير له أصهار وأختان وقرابات، وكل ذلك من ماء مهين، ولهذا قال تعالى: {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام