فهرس الكتاب
الصفحة 163 من 363

فإن قيل: نحن لا نكفّر من سوى الشيعة، لكن نقول: هم خير البرية.

قيل: الآية تدل على أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم خير البرية، فإن قلتم: إن من سواهم لا يدخل في ذلك، فإما أن تقولوا: هو كافر أو تقولوا: فاسق، بحيث لا يكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وإن دخل اسمهم في الإيمان، وإلا فمن كان مؤمناً ليس بفاسق فهو داخل في الذين آمنوا وعملوا الصالحات.

فإن قلتم: هو فاسق.

قيل لكم: إن ثبت فسقهم كفاكم ذلك في الحجة. وإن لم يثبت لم ينفعكم ذلك في الاستدلال، وما تذكرون به فسق طائفة من الطوائف إلا وتلك الطائفة تبين لكم أنكم أَوْلى بالفسق منهم من وجوه كثيرة، وليس لكم حجة صحيحة تدفعون بها هذا.

والفسق غالب عليكم لكثرة الكذب فيكم الفواحش والظلم فإن ذلك أكثر فيكم منه في الخوارج وغيرهم من خصومكم. وأتباع بني أمية كانوا أقل ظلماً وكذباً وفواحش ممن دخل في الشيعة بكثير، وإن كان في بعض الشيعة صدق ودين وزهد، فهذا في سائر الطوائف أكثر منهم، ولو لم يكن إلا الخوارج الذين قيل فيهم:"يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم" [1] .

الوجه السادس: أنه قال قبل ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البيّنة: 6] ثم قال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البيّنة: 7] وهذا يبين أن هؤلاء من سوى المشركين وأهل الكتاب. وفي القرآن مواضع كثيرة ذكر فيها الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وكلها عامة. فما الموجب لتخصيص هذه الآية دون نظائرها؟.

وإنما دعوى الرافضة - أو غيرهم - من أهل الأهواء الكفر في كثير ممن سواهم، كالخوارج

(1) ما ذكره ابن تيمية هنا جزء من حديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن علي وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم في:

البخاري 4/ 200 - 201 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة) ، مسلم 2/ 740 - 747 (كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، باب التحريض على قتل الخوارج) .

وانظر: جامع الأصول لابن الأثير (10/ 436 - 440) ، سنن أبي داود 4/ 336 (كتاب السنة، باب في قتال الخوارج) ، سنن ابن ماجه 1/ 60 - 61 (المقدمة، باب في ذكر الخوارج) ، المسند (ط. الحلبي) 3/ 65، 68، 73، 353، 354 - 355.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام