فهرس الكتاب
الصفحة 162 من 363

ضرب بعضهم رقاب بعض رجعوا بعده كفّاراً.

فهذا وأمثاله من حجج الخوارج، وهو وإن كان باطلاً بلا ريب فحجج الرافضة أبطل منه، والخوارج أعقل وأصدق وأتبع للحق من الرافضة؛ فإنهم صادقون لا يكذبون، أهل دين ظاهراً وباطناً، لكنهم ضالون جاهلون مارقون، مرقوا من الإسلام كما يمرق السهم من الرميّة، وأما الرافضة فالجهل والهوى والكذب غالب عليهم، وكثير من أئمتهم وعامتهم زنادقة ملاحدة، ليس لهم غرض في العلم ولا في الدين، بل {إِن يَتَّبِعُونَ إلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23] .

والمروانية الذين قاتلوا عليّاً، وإن كانوا لا يكفِّرونه، فحججهم أقوى من حجج الرافضة. وقد صنف الجاحظ كتاباً للمروانية ذكر فيه من الحجج التي لهم ما لا يمكن الرافضة نقضه، بل لا يمكن الزيدية نقضه، دع الرافضة!.

وأهل السنة والجماعة لَمّا كانوا معتدلين متوسطين صارت الشيعة تنتصر بهم فيما يقولونه في حق عليّ من الحق، ولكن أهل السنة قالوا ذلك بأدلة يثبت بها فضل الأربعة وغيرهم من الصحابة، ليس مع أهل السنة ولا غيرهم حجة تخصُّ عليّاً بالمدح وغيره بالقدح، فإن هذا ممتنع لا يُنال إلا بالكذب المحال، لا بالحق المقبول في ميدان النظر والجدال.

الوجه الرابع: أن يُقال: قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البيّنة: 7] عامّ في كلّ من اتصف بذلك، فما الذي أوجب تخصيصه بالشيعة؟

فإن قيل: لأن من سواهم كافر.

قيل: إن ثبت كفر من سواهم بدليل، كان ذلك مغنياً لكم عن هذا التطويل، وإن لم يثبت لم ينفعكم هذا الدليل، فإنه من جهة النقل لا يثبت، فإن أمكن إثباته بدليل منفصل، فذاك هو الذي يعتمد عليه لا هذه الآية.

الوجه الخامس: أن يُقال: من المعلوم المتواتر أن ابن عباس كان يوالي غير شيعة عليّ أكثر مما يوالي كثيراً من الشيعة، حتى الخوارج كان يجالسهم ويفتيهم ويناظرهم. فلو اعتقد أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم الشيعة فقط، وأن من سواهم كفّار، لم يعمل مثل هذا. وكذلك بنو أمية كانت معاملة ابن عباس وغيره لهم من أظهر الأشياء دليلاً على أنهم مؤمنون عنده لا كفار.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام