هو أبو بكر. كان يذكر الطلبة فيكون خلفه، ويذكر الرصد فيكون أمامه، وكان يذهب فيكشف له الخر. وإذا كان هناك ما يخُاف أحب أن يكون به لا بالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم.
وغير واحد من الصحابة قد فداه بنفسه في مواطن الحروب، فمنهم من قُتل يبن يديه، ومنهم من شُلّت يده، كطلحة بن عبد الله وهذا واجب على المؤمنين كلهم. فلو قُدِّر أنه كان هناك فداء بالنفس لكان هذا من الفضائل المشتركة بينه وبين غيره من الصحابة، فكيف إذا لم يكن هناك خوف على عليٍّ؟.
قال ابن إسحاق في"السيرة"- مع أنه من المتولّين لعليّ المائلين إليه - وذكر خروج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من منزله، واستخلاف عليّ على فراشه ليلة مكر الكفار به، قال [1] :"فأتى جبريل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال له [2] : لا تَبِتْ هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه. قال: فلمّا كانت عَتْمة الليل [3] اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام، فيثبون عليه، فلما رأى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مقامهم قال لعليّ [4] : نَمْ على فراشي واتشح [5] ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم."
وعن محمد بن كعب القرظي [6] قال: لَمّا اجتمعوا له، وفيهم: أبو جهل [7] ، فقال وهم على بابه: إن محمداً يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجُعلت لكم جناتٌ كجنات [8] الأردن، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح، ثم بُعثتم من بعد موتكم، فجعلت [9] لكم نار تحرقون فيها.
قال: وخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عليهم [10] ، فأخذ حَفْنة من تراب في يده، ثم
(1) المقابلة على النص التالية مع"سيرة ابن هشام"2/ 126 - 128.
(2) سيرة ابن هشام: جبريل عليه السلام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ...
(3) سيرة ابن هشام: عتمة من الليل.
(4) ابن هشام: مكانهم قال لعلي بن أبي طالب.
(5) ابن هشام: وتسج.
(6) ابن هشام: قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال ...
(7) ابن هشام: أبو جهل بن هشام
(8) ابن هشام: جِنان كجنان ...
(9) ابن هشام: ثم جُعلت ...
(10) ابن هشام: وخرج عليهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.