محجّلة بين ظهري خيل دُهم بُهم، ألا يعرف خيله"؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرّاً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض" الحديث.
فهذا يبيّن أنّ كلّ من توضّأ وغسل وجهه ويديه ورجليه فإنه من الغرّ المحجّلين، وهؤلاء جماهيرهم إنما يقدّمون أبا بكر وعمر. والرافضة لا تغسل بطون أقدامها ولا أعقابها، فلا يكونون من المحجّلين في الأرجل، وحينئذ فلا يبقى أحد من الغرّ المحجلين يقودهم، ولا يُقادون مع الغرّ المحجلين؛ فإن الحجلة لا تكون إلا في ظهر القدم، وإنما الحجلة في الرجل كالحجلة في اليد [1] .
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "ويل للأعقاب وبطون الأقدام من النار". ومعلوم أن الفرس لو لم يكن البياض إلا لمعة في يده أو رجله لم يكن محجّلاً، وإنما الحجلة بياض اليد أو الرجل، فمن لم يغسل الرجلين إلى الكعبين لم يكن من المحجّلين، فيكون قائد الغر المحجلين بريئاً منه كائناً من كان.
ثم كون عليّ سيدهم وإمامهم وقائدهم بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مما يُعلم بالاضطرار أنه كذب، وأن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقل شيئاً من ذلك بل كان يفضّل عليه أبا بكر وعمر تفضيلاً بيّناً ظاهراً عرفه الخاصة والعامة، حتى أن المشركين كانوا يعرفون منه ذلك.
ولما كان يوم أحد قال أبو سفيان، وكان حينئذ أمير المشركين: أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاثاً. فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تجيبوه". فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاثاً. فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تجيبوه". فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ ثلاثاً. فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا تجيبوه" فقال أبو سفيان لأصحابه: أمّا هؤلاء فقد كفيتموهم. فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله، إن الذين عددت لأحياء، وقد بقي لك ما يسوءك. وقد ذكر باقي الحديث، رواه البخاري وغيره.
(1) في"اللسان":"وفي الحديث في صفة الخيل: الأقرح المحجّل. قال ابن الأثير: هو الذي يرتفع البياض في قوائمه في مواضع القيد، ويجاوز الأرساغ، ولا يجاوز الركبتين لأنها مواضع الأحجال، وهي الخلاخيل والقيود. ومنه الحديث: أمتي الغرّ المحجّلون، أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه".