والإنفاق في سبيل الله وفي إقامة الدين في أول الإسلام أعظم من صدقةٍ على سائل محتاج. ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:"لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه"أخرجاه في الصحيحين [1] .
قال تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10] فكذلك الإنفاق الذي صدر في أول الإسلام في إقامة الدين ما بقي له نظير يساويه.
وأما إعطاء السؤال لحاجتهم فهذا البر يوجد مثله إلى يوم القيامة. فإذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم لأجل تلك النفقات العظيمة النافعة الضرورية لا يدعو بمثل هذا الدعاء، فكيف
(1) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في: البخاري 5/ 8 (كتاب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، باب قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لو كنت متخذاً خليلاً) ، مسلم 4/ 1967 - 1968 (كتاب فضائل الصحابة، باب تحريم سب الصحابة .. ) ، سنن أبي داود 4/ 297 - 298 (كتاب السنة، باب في النهي عن سباب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) ، سنن الترمذي 5/ 357 - 358 (كتاب المناقب، باب في سب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم) ، المسند (ط. الحلبي) 3/ 11، 54، 63 - 64، سنن ابن ماجه 1/ 57 (المقدمة، باب فضل أهل بدر) .
وفي اللسان:"المد ضرب من المكاييل وهو ربع صاع، وهو قدر مد النبي صلّى الله عليه وسلّم، والصاع خمسة أرطا، وقال النووي (شرح مسلم 16/ 93) :"وقال أهل اللغة: النصيف النصف ... ومعناه: لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مُدّاً ولا نصف مُدّ"."