فهرس الكتاب
الصفحة 24 من 363

يدعو به لأجل إعطاء خاتم لسائل قد يكون كاذباً في سؤاله؟.

ولا ريب أن هذا ومثله من كذب جاهلٍ أراد أن يعارض ما ثبت لأبي بكر بقوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى، الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى، وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى، إِلاّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى، وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 17 - 21] بأن يذكر لعليّ شيئاً من هذا الجنس، فما أمكنه أن يكذِّب أنه فعل ذلك في أول الإسلام، فَكذب هذه الأكذوبة التي لا تروج إلا على مفرط في الجهل.

وأيضاً فكيف يجوز أن يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في المدينة - بعد الهجرة والنصرة: واجعل لي وزيراً من أهلي، عليّاً اشدد به ظهري، مع أن الله قد أعزّه بنصره وبالمؤمنين، كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: 62] ، وقال: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] .

فالذي كان معه حين نَصَرَه الله، إذ أخرجه الذين كفروا، هو أبو بكر وكانا اثنين الله ثالثهما. وكذلك لما كان يوم بدر، لما صُنع له عريش كان الذي دخل معه في العريش. دون سائر الصحابة أبو بكر، وكل من الصحابة له في نصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سعي مشكور وعمل مبرور.

وروى أنه لَمّا جاء عليٌّ بسيفه يوم أحد، قال لفاطمة:"اغسليه يوم أحدٍ غير ذميم". فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:"إن تك أحسنت فقد أحسن فلان وفلان وفلان"فعدد جماعة من الصحابة [1] .

ولم يكن لعليّ اختصاص بنصر النبي صلّى الله عليه وسلّم دون أمثاله، ولا عُرِف موطن احتاج النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه إلى معونة عليّ وحده، لا باليد ولا باللسان، ولا كان إيمان الناس برسول الله صلّى الله عليه وسلّم وطاعتهم له لأجل عليّ، بسبب دعوة عليّ لهم،

(1) في سيرة ابن هشام (3/ 106) :"فلما انتهى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة، فقال:"اغسلي عن هذا دمه يا بنيّة، فوالله لقد صدقني اليوم"وناولها علي بن أبي طالب سيفه، فقال: وهذا أيضاً فاغسلي عنه دمه، فوالله لقد صدقني اليوم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:"لئن كنت صدقت القتال لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة". وذكر ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 47) روايات أخرى منها:"لئن كنت أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح والحارث بن صمة وسهل بن حنيف"."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام