الصحيحين [1] .
وقال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه" [2] .
وقال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه من الخير ما يحب لنفسه" [3] .
وهذه الأحاديث وأمثالها في الصحاح. وإذا كان كذلك عُلم أن مطلق المؤاخاة لا يقتضي التماثل من كل وجه، بل من بعض الوجوه.
وإذا كان كذلك فلم قيل: إن مؤاخاة عليّ لو كانت صحيحة اقتضت الإمامة والأفضلية، مع أن المؤاخاة مشتركة؟ وثبت عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الصحاح من غير وجه أنه قال:"لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الله. لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدّت، إلا خوخة أبي بكر. إن أمّن الناس علينا في صحبته وذات يده أبو بكر". وفي هذا إثبات خصائص لأبي بكر لا يشركه فيها أحد غيره، وهو صريح في أنه ليس من أهل الأرض من هو أحب إليه، ولا أعلى منزلة عنده، ولا أرفع درجة، ولا أكثر اختصاصاً به من أبي بكر.
كما في الصحيحين: قيل له: أي الناس أحب إليك؟ قال:"عائشة". قيل: من الرجال؟ قال:"أبوها". وفي الصحيحين عن عمر أنه قال: أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم. فهذه الأحاديث التي أجمع أهل العلم على صحتها وتلقّيها بالقبول، ولم يقدح فيها
(1) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه في: البخاري 8/ 19، 21 (كتاب الأدب، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر، باب الهجرة وقول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث) ، مسلم 4/ 1983 (كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم التحاسد والتباغض) .
وجاء الحديث بمعناه عن أبي هريرة رضي الله عنه في: البخاري 8/ 19 (الموضع السابق) ، مسلم 4/ 1985 - 1986 (كتاب البر ... ، باب تحريم الظن والتجسس ... ) والحديث عن أنس رضي الله عنه في: سنن أبي داود 4/ 383 (كتاب الأدب، باب فيمن يهجر أخاه المسلم) وهو في الترمذي وابن ماجه والمسند والموطأ.
(2) الحديث بهذا اللفظ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في: البخاري 9/ 22 (كتاب الإكراه، باب يمين الرجل لصحابه أنه أخوه ... ) ، مسلم 4/ 1996 (كتاب البر .. ، باب تحريم الظلم) ، سنن أبي داود 4/ 376 - 377 (كتاب الأدب، باب المؤاخاة) ؛ المسند (ط. المعارف) 8/ 46.
(3) الحديث - مع اختلاف في الألفاظ - عن أنس بن مالك رضي الله عنه في: البخاري 1/ 12 (كتاب الإيمان، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وأوله فيه:"لا يؤمن أحدكم ...". مسلم 1/ 67 - 68 (كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من خصال الإيمان ... ) ، سنن ابن ماجه 1/ 26 (المقدمة، باب في الإيمان) ؛ المسند (ط. الحلبي) 3/ 176، 206، 251.