فهرس الكتاب
الصفحة 176 من 363

أحد من العلم تبيّن أن أبا بكر كان أحبّ إليه وأعلى عنده من جميع الناس.

وحينئذ فإن كانت المؤاخاة دون هذه المرتبة لم تعارضها، وإن كانت أعلى كانت هذه الأحاديث الصحيحة تدل على كذب أحاديث المؤاخاة، وإن كنا نعلم أنها كذب بدون هذه المعارضة.

لكن المقصود أن هذه الأحاديث الصحيحة تبيّن أن أبا بكر كان أحب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من عليّ، وأعلى قدراً عنده منه ومن كل من سواه، وشواهد هذا كثيرة.

وقد روى بضعة وثمانون نفساً عن عليّ أنه قال:"خيرة هذه الأمة بعد نبيّها أبو بكر ثم عمر". رواها البخاري في الصحيح عن عليّ رضي الله عنه. وهذا هو الذي يليق بعليّ رضي الله عنه فإنه من أعلم الصحابة بحق أبي بكر وعمر، وأعرفهم بمكانهما من الإسلام، وحسن تأثيرهما في الدين، حتى أنه تمنّى أن يلقى الله بمثل عمل عمر، رضي الله عنهم أجمعين.

وروى الترمذي - وغيره - مرفوعاً عن عليّ رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأوَّلين والآخرين، لا تخبرهما يا علي" [1] .

وهذا الحديث وأمثاله لو عورض بها أحاديث المؤاخاة وأحاديث الطير ونحوه، لكانت باتفاق المسلمين أصح منها، فكيف إذا انضم إليها سائر الأحاديث التي لا شك في صحتها؟ مع الدلائل الكثيرة المتعددة، التي توجب علماً ضرورياً لمن علمها، أن أبا بكر كان أحب الصحابة إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وأفضل عنده من عمر وعثمان وعلي وغيرهم، وكل من كان

(1) روى الترمذي الحديث مرتين - بألفاظ مقاربة - 5/ 272، 273 (كتاب المناقب، باب 53) وقال الترمذي عن الطريق الأول:"هذا حديث غريب من هذا الوجه، والوليد بن محمد الموقّري يضعّف في الحديث، ولم يسمع عليّ بن الحسين من عليّ بن أبي طالب، وقد رُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه. وفي الباب عن أنس وابن عباس". وأما الطريق الآخر فلم يتكلم عليه الترمذي، وأورد الترمذي هذا الحديث عن أنس رضي الله عنه قبل ذلك (5/ 272 - 273) وقال عنه:"هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه". وأورد الإمام أحمد الحديث في مسنده (ط. المعارف) 2/ 37 - 38 (رقم 602) وقال عنه أحمد شاكر رحمه الله"إسناده صحيح"ثم قال:"والحديث رواه أيضاً الترمذي (4: 310) وابن ماجه (1: 25 - 26) بإسنادين آخرين ضعيفين."

وهذا الحديث والذي قبله من زيادات عبد الله بن أحمد". والحديث - مع اختلاف في اللفظ - عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه في: سنن ابن ماجه 1/ 38 (المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه) . وصحح الألباني الحديث في"صحيح الجامع الصغير" (6/ 75) وانظر: مجمع الزوائد للهيثمي (9/ 53) ."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام