فهرس الكتاب
الصفحة 80 من 669

شىء بل هو لأمر طبيعى وهو انتقال الداء من جسدٍ لجسد بواسطة الملامسة والمخالطة وشم الرائحة، ولذلك تجد كثيرًا من الأمراض تنتقل من السقيم إلى الصحيح بكثرة المخالطة والمجالسة.

وأما قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"لا عدوى"فإنه يريد بذلك النهى عن الخروج من البلد الذي وقع فيه المرض كالطاعون خوفًا من العدوى وظنًّا منه أن الفرار من قدر الله تعالى ينجيه منه.

وهذا المسلك هو مسلك ابن قتيبة (3) والخطابي (4) عليهما رحمة الله.

المسلك الثالث: "أن قوله"لا عدوى"نَهي لا نفي. والمعنى: لا يُعدِ بعضكم بعضًا. أي لا تتعرضوا لذلك بل اتقوه، واتقوا مكانه."

وهذا كقوله تعالى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} (5) . أي لا يكن ذلك منكم.

ومثل قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"لا ضرر ولا ضرار" (6) وقوله:"لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس" (7) وأشباه هذا كثير.

ويصحح هذا الجواب آخر الحديث، فقوله:"لا طيرة"أي لا تشاؤم،

(3) في تأويل مختلف الحديث (96) وانظر فتح الباري (10/ 160) .

(4) في أعلام الحديث (3/ 2139) وله قول آخر كما في معالم السنن (4/ 216) مماثل للمسلك السادس الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى.

(5) سورة البقرة، آية (197) .

(6) أخرجه ابن ماجه عن عبادة بن الصامت وابن عباس (2/ 784) ح (2340، 2341) . وأخرجه أحمد عن ابن عباس (4/ 310) ح (2867) . وضعف إسناده أحمد شاكر وصحح إسناد عبادة بن الصامت عند ابن ماجه. وصححه الألباني وأطال النفس في الكلام عليه في إرواء الغليل (896) (3/ 408) .

(7) أخرجه البخاري، (1/ 212) ، ح (561) . ومسلم واللفظ له، (6/ 359) ، ح (827) . كلاهما عن أبي سعيد الخدري.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام