أعلم بما كانوا عاملين"فإنه فصل الخطاب في هذا الباب، وهذا العلم يظهر حكمه في الآخرة" (25) .
وقال ابن القيم:"النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يجب فيهم بالوقف وإنما وكل علم ما كانوا يعملون لو عاشوا إلى الله، والمعنى: الله أعلم بما كانوا يعملون لو عاشوا، فهو سبحانه يعلم القابل منهم للهدى العامل به لو عاش، والقابل منهم للكفر المؤثر له لو عاش، لكن لا يدل هذا على أنه سبحانه يجزيهم بمجرد علمه فيهم بلا عمل يعملونه، وإنما يدل على أنه يعلم منهم ما هم عاملون بتقدير حياتِهم" (26) .
-وأما حديث عائشة رضي الله عنها لما شهدت لصبى من الأنصار بالجنة قال لها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"أوَ غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلًا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم وخلق للنار أهلًا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم"فقد قال فيه البيهقي وابن تيمية وابن القيم وغيرهم: هذا الحديث إنما يدل على أنه لا يُشهد ولا يُقطع لكل واحد من أطفال المؤمنين بعينه بالجنة، وإن أُطلق على أطفال المؤمنين في الجملة أنهم في الجنة، لكن الشهادة للمعين ممتنعة (27) .
(25) درء التعارض (8/ 402) .
(26) طريق الهجرتين (687 - 688) .
(27) انظر: الاعتقاد للبيهقي (91) مجموع الفتاوى (4/ 281) طريق الهجرتين (701) .
تنبيه: هذا أحسن ما قيل في معني الحديث وقد تأوله بعضهم تأويلات بعيدة. انظر: التذكرة (2/ 318) مسلم بشرح النووى (16/ 447) طريق الهجرتين (701) وردَّ هذا الحديث الإمام أحمد كما في طريق الهجرتين (701) وضعفه آخرون كابن عبد البر في التمهيد (6/ 350) وقال:"فيه طلحة بن يحيى وهو ضعيف لا يحتج به وهذا الحديث مما انفرد به فلا يعرج عليه"والحق أنه لم ينفرد به طلحة بل تابعه عليه فضيل بن عمرو كما عند مسلم (16/ 451) وهو ثقة، انظر: تقريب التهذيب (2/ 15) .