وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامَّة (33) ومن كل عين لامَّة (34) " (35) ."
وجه التعارض يتضح بالنظر إلى الأحاديث السابقة ففى حديث السبعين ألفًا قال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربِّهم يتوكلون"فظاهره أن الرقى وما ذكر معها تنافي التوكل حيث جعلها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مقابل التوكل، فكأنه قال: إن هؤلاء لا يفعلون هذه الأشياء لتوكلهم على الله تعالى.
وبالنظر إلى الأحاديث الأخرى نجد أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عمل بالرقى قولًا وفعلًا:
أما قولًا: فإنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَذِنَ في الرقى بل أمر بِها.
وأما فعلًا: فإنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رقى نفسه ورقى غيره ورُقىَ من قِبَلِ جبريل عليه السلام وعائشة رضى الله عنها، مع أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سيد المتوكلين، ولا يمكن لأحدٍ أن
(33) هامَّة: الهامَّة: كل ذات سم يقتل، والجمع: الهوام، فأما ما يَسُمُّ ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور، وقد يقع الهوام على ما يدبُّ من الحيوان وإن لم يقتل كالحشرات"النهاية (5/ 275) وانظر: أعلام الحديث (3/ 1544) ، تفسير غريب ما في الصحيحين (311) ، لسان العرب (12/ 621) ."
(34) لامَّة: أى ذات لمم وهي كل داءٍ وآفة تُلمُّ بالإنسان من خبل وجنون ونحوهما، وقيل: العين اللامَّة: التي تصيب بسوء. انظر: النهاية (4/ 272) ، أعلام الحديث (3/ 1544) ، لسان العرب (12/ 551) .
(35) أخرجه البخاري: كتاب الأنبياء، باب: {يَزِفُّونَ} (3/ 1233) ح (3191) .