فهرس الكتاب
الصفحة 72 من 76

باعوها لمولاها، فلم تعد لهم، فهم يستجيبون لما يحب ويرضى، وهو جل في علاه يحب لعبيده هؤلاء أن يريقوا دماءهم في سبيله ومن أجل مرضاته.

هذه مصلحة لا تفقهونها وهي لا تحفزكم حين تزنون ما يعرض عليكم من أعمال، فلو نظرتم إلى ما يحب الله لما قلتم ما قلتم من الجهالات التي أتيتم بها، ولكن غابت عنكم فأتيتم بالعجائب.

عجباً منكم، وعجباً من دينكم؛ اتخوفون رجال الاسلام من الموت؟ أم تخوفونهم بالفقر؟ أم تخوفونهم بالسجن والقيد؟

(( إن الذي منه تهربون للذي إليه رجال الإسلام ينفرون ) )هذا معنى كلمة عبد الله بن رواحة الصحابي الجليل على معنى يرد على ما تفنون به من مراد الشيطان وجنده كما قال تعالى (( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافونهم وخافون إن كنتم مؤمنين ) )وكما قال سبحانه (( الشيطان يعدكم الفقر، والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً ) )وكما قال سبحانه (( ومن الناس من يقول آمنا فإذا أوذي في الله جهل فتنة الناس كعذاب الله ) ).

إن جاز لنا أن نهنئ الجاهل بجهله، والأحمق بحمقه، فإننا نقول لكم: هنيئاً بما أنتم فيه، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم به.

أما إنكم تخافون على صورة الاسلام أن نشوه، فهذه شنشنة نعرف من أخرمكم، وقد تقدم عوارها، لكن هلا رأيتم يوماً أحب فيه الذئب الحمل؟ أم هل رأيتم يوماً وعظ الشيطان موعظة الصالحين؟

إنهم يحبون من الاسلام الذي يكون فيه حملاً وديعاً، فإن صار رجاله على معنى ما يقوله تعالى (( فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) )فإنهم لا يحبونهم.

وإن صار رجال الإسلام وشبابه على معنى قوله تعالى (( فشرد بهم من خلفهم ) )فإنهم حينئذ أهل شر وإرهاب وخراب. ثمّ إن الصدق نقوله لكم:- هل حقاً تحبون للآخرين أن يحبوا الاسلام الذي تقرر مبادئ عقائده الأولى أنهم إن ماتوا على غيره ماتوا إلى جهنم وبئس المصير؟ إن كان ذلك كذلك فأعلموهم حقيقة الاسلام ولا تخدعونهم، ولا تكذبوا عليهم، فيأتون يوم القيامة وقد تعلقوا برقابكم أنكم زورتم دين الله عليهم، وكذبتم عليهم في ستر حقائقه.

نعم إنهم يحبون الاسلام"المعتدل"الذي تأتون به، وإن داخل هذه الكلمة"المعتدل"من الخبث والشر والباطل ما يعلمه صغار أهل الاسلام أكثر منكم، ويكفيكم من الشر بعضه، فإن شرح ذلك من نافلة القول لاشتهاره وعدم خفائه.

أما اتهامكم شباب (( سعد بن عبادة ) )اليوم بالتهور والتسرع، فلم لا والله يقول (( فسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) )،وأما هونكم وفكركم فهو على ما قاله تعالى (( وإن منكم ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة، قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معكم شهيداً، ولئن أصابكم فضل الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً ) ).

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام