فهرس الكتاب
الصفحة 27 من 76

ضدهم هذه الفرصة بطردهم وسجنهم وملاحقتهم، وقد رأينا أن نتيجة هذا الفعل لم تقتصر عليهم بل لحقت بالمسلمين الذين أسلموا من قبل من خلال الموعظة الحسنة.

لقد حقق هؤلاء الفتية المتسرعون مراد أعدائهم حيث عزلوا عن الدعوة وعن محيطها، وأججوا المتعصبين لإصدار القوانين الشديدة ضدهم.

3 -لقد أفسد هؤلاء الفتية المتسرعون أموالاً محترمة للآخرين، ومعلوم أن بعض الفقهاء- وهم كثر- يرون أن مثل هذه الأموال التي دمروها وخربوها هي أموال مصونة لا يجوز اتلافها، بل أوجبوا على متلفها الضمان، ولكن لقلة فقه هؤلاء الفتيان الأغرار وعدم تعمقهم بمسائل الفقه ودفعهم لهذا الفعل، بل علمنا أن والد أحد هؤلاء الفتية كان كسبه من هذه الأموال المتلفة، أي إن هذا الفتى كان يأكل ويشرب منها، واقتات وعاش عليها، ثمَّ ها هو الآن يجازي والده هذا الجزاء العجيب الذي يتنافى مع أخلاق الإسلام.

لقد أتم هؤلاء الفتيان بإفساد أموال الغير وهذا واضح بين، أما قولهم:- إن هذه الأموال للكفار، أو قولهم إنها تستخدم للصد عن سبيل الله تعالى فهذا مردود من وجوه أهمها:-

-إن كونها للكفار لا يعني جواز اهلاكها، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك علي بن أبي طالب وراءه عندما هاجر إلى المدينة ليؤدي للناس أماناتهم، ولم يقل كما قال هؤلاء (( الجهلة ) )إن أموال الكفار مباحة، بل ولا يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا الفعل في مكة وهو يعيش بين الأصنام التي كانت تحيط به من كل جوانب ... - أما قولهم إنها أموال تستخدم للصد عن سبيل الله تعالى فهذا تعميم غير صحيح، لأن بعض هذه الأموال هي أموال خاصة لأناس مدنيين لا دخل لهم (بالملأ) الذي يعادي المسلمين ويحاربهم، وهؤلاء المدنيون من الناس العاديين هم الأكثر، فهم ليسوا جنوداً ولا مقاتلين، ولا يتبرعون بأموالهم في أمر غير حاجاتهم الخاصة.

4 -لقد خدع هؤلاء الفتية أهل البلاد، واستخدموا معهم وسائل غير أخلاقية في الوصول إلى أهدافهم، فإن أهل البلاد قد رغبوا فيهم أن يعيشوا معهم، بل ويفرحون فرحهم ويعيشون حياتهم، ولكن هؤلاء (( المتسرعين ) )خانوا ذلك كله، فاستغلوا طيبة أهل البلاد في تأمينهم وتركهم، فانقلبوا عليهم وفعلوا فعلتهم المنكرة، وهذا في الحقيقة يفسر شدة الغضب الذي أصاب أصحاب القرار فجعلهم يحكمون عليهم هذا الحكم، لأن النفوس مهما كانت فإنها تغضب من خيانة من أمنته، ولذلك فمع قولنا إن العقوبة كانت قاسية إلا أننا نتفهم وجهها، مع أننا كنا نحب لهم أخذ جانب العفو كون الفاعلين فتية ودوافعهم الحماس.

5 -... مما يدل على عدم حكمة هؤلاء الفتية أنهم لم يقتصروا في بياناتهم على المسائل العلمية التي خالفوا فيها أهل البلاد، لكن من عجائب قولهم أنهم سبوا أهل البلاد سباً

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام