معاصر له هوأبوالحسن الهجويري (- 465 ه / 1072 م) ، الذي هاله ما لحق بالتصوف من أدران وخزعبلات، مما دفعه إلى القول: «إن هذا العلم قد اندرس في الحقيقة في زماننا هذا» 1. ثم يصور الهجويري حال المتصوفة في هذا العصر بقوله: «وقد أوجدنا الله عز وجل في زمان أسمى أهله الهوى شريعة، وطلب الجاه والرياسة والتكبر عزا وعلما، ورياء الخلق خشية، وإخفاء الحقيقة في القلوب حلما، والنفاق زهدا، والتمني إرادة، وهذيان الطبع معرفة، وحركات القلب وحديث النفس محبة، والإلحاد فقرا، والجحود صفوة، والزندقة فناء، وترك شريعة محمد صلى الله عليه وسلم طريقة، حتى احتجب أرباب المعاني بينهم على حين صارت الغلبة لهم» 2.
وإذا كان القشيري في رسالته في التصوف، والهجويري في كشف المحجوب، قد صورا حالة التصوف في هذا العصر، فإن ما جاء في كتابيهما من شرح لمبادئ التصوف المعتدل، الذي يجمع ما بين الحقيقة والشريعة، يعد محاولة جادة منهما لإصلاح ما لحق بالتصوف من بدع وآفات. وقد أتت حركة الإصلاح هذه أكلها عند ما تزعمها أبوحامد الغزالي، إذا استطاع أن يعيد للتصوف الصفاء والنقاء. ومن أقطاب الصوفية في هذا العصر: أبوالقاسم القشيري، وأبوالحسن الهجويري، وأبونعيم الأصبهاني، وأبوعلي الفارمذي (- 477 ه/ 1084 م) ، وأبوالحسن البوشنجي (- 467 ه) ، وأبوالحسن الخرقاني (- 425 ه) ، وأبوالفضل الختلي (- 431 ه/ 1039 م) ، وأبوحامد الغزالي (- 505 ه/ 1111 م) .
1)الهجويري، كشف المحجوب ص 197.
2)المصدر نفسه ص 199.