أغلقنا على من احتج بذلك.
قال الغزالي: كان من تقدم من المتورعين لا يخون بناتهم إلا بعد النظر احترازا من الغرور، قال: والغرور يقع في الخلق والخلق جميعا، فيستحب إزالة الغرور في الخلق بالنظر وفي الخلق بالبحث والاستبصار.
ونقول أيضا: لو لم يكن في ذلك فائدة لما أجازه الإسلام ولما حث عليه رسولنا عليه الصلاة والسلام، فإذا عرف السبب بطل العجب، وهذه الرؤية علق عليها رسول الله ديمومة الحياة الهنيئة للزوجين مما يدل على أهميتها.
ثم أسأل ولي المرأة وأرجو أن يكون منصفاً متجردا من الهوى والعادات والعصبيات طالباً الحق. فأقول: أيهما أفضل أن يراها الرجل ثم يقول: لا أرغب فيها (مع السرية التامة طبعا) ولا يحدث شيء من البداية والأمور تبقى كما كانت. أو أن لا يراها الرجل ثم يتزوجها وفي الأيام الأولى من الزواج لا يريدها ويرغب عنها ويقذف في قلبه كراهيتها فيطلقها سريعا وربما كان ذلك من أول ليلة وهي ليلة الزفاف!!. حتما ستقول: الأول دون شك بل أنا أضيف على ذلك: أن ما كنت تخشاه من رؤية الرجل ابنتك وهو أنه إذا رآها ولم يرغب فيها فهو عيب في حقها وحقك فأقول: إنه عندما يطلقها ولا يرغب فيها من أول ليلة هي الفضيحة التى ستنتشر في كل البلد وسيئول الناس ذلك شئت أم أبيت بأن البنت فيها عيب وفيها وفيها، إضافة إلى الخسائر التي تحصل وربما المشاكل. وبهذا تندم أنت ولا ينفعك حينئذ كل من يطبلون ويصفقون للعادات والتقاليد وستعض أصابع الندم وتقول: يا ليته رآها ولم يرغب فيها ولا حدث ما حدث فمن يتزوجها الآن وقد صارت ثيبا أو ظن الناس أن فيها عيبا. ولا ينفع ندم بعد عدم ولا صوت بعد فوت.
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [سورة البقرة:216] ، {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [سورة النساء:19] ولذلك فإن وراء كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وراءه من الحكم الدقيقة المتناهية، أما المفرطون المتساهلون الذين لا يبالون فهؤلاء منسلخون ومنحلون فتراهم يسمحون لكل طارق أن يرى ابنتهم ولو لم يكن موثوقا به، وربما أجلسوها عنده لكي يتحدث معها. وربما اختلى بها ولا يرون بذلك بأسا وفي الحديث عن ابن عمر مرفوعا:"ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث" (رواه أحمد وهو في صحيح الجامع) . وهذه صورة من صور الدياثة وعدم الغيرة.
وإنني أنبه على خطورة عادة سيئة تفشت في بعض البلدان الإسلامية وهي انفراد الرجل ومخطوبته قبل عقد الزواج بقصد التجربة أو الاختبار ليطلع كل واحد منهم على أخلاق الآخر- كما زعموا- وذلك باسم التقدم والمدنية الخداعة التي غرتنا في ديننا وأخلاقنا وصرنا لها أسرى وباسم التقليد الأعمى قبل البعض هذا الوضع الشاذ الذي لا يتناسب مع الخلق والدين.
ويتم الاختلاط بينهما على أبشع صورة بل وتذهب معه وتجيء فترة من الزمن قد تطول أو تقل دون ضمير ولا غيرة ممن يسمحون بمثل ذلك. ولا تسل عن الفضائح التي نجمت من جراء هذا الخزي وكم سمعنا من القصص المؤلمة من هتك