فهرس الكتاب
الصفحة 81 من 363

عمران: 61] أي رجالنا ورجالكم، أي الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب، والرجال الذين هم من جنسكم. أو المراد التجانس في القرابة فقط، لأنه قال: {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} فذكر الأولاد وذكر النساء والرجال، فعُلم أنه أراد الأقربين إلينا من الذكور والإناث، من الأولاد والعصبة.

ولهذا دعا الحسن والحسين من الأبناء، ودعا فاطمة من النساء، ودعا عليّاً من رجاله، ولم يكن عنده أحد أقرب إليه نسباً من هؤلاء، وهم الذين أدار عليهم الكساء.

والمباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه، وإلا فلو بأهلهم بالأبعدين في النسب، وإن كانوا أفضل عند الله، لم يحصل المقصود؛ فإن المراد أنهم يدعون الأقربين، كما يدعو هو الأقرب إليه.

والنفوس تحنو على أقاربها ما لا نحنو على غيرهم، وكانوا يعلمون أنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ويعلمون أنهم إن باهلوه نزلت البهلة عليهم وعلى أقاربهم، واجتمع خوفهم على أنفسهم وعلى أقاربهم، فكان ذلك أبلغ في امتناعهم، وإلا فالإنسان قد يختار أن يهلك ويحيا ابنه، والشيخ الكبير قد يختار الموت إذا بقي أقاربه في نعمة ومالٍ. وهذا موجود كثير.

فطلب منهم المباهلة بالأبناء والنساء والرجال والأقربين من الجانبين، فلهذا دعا هؤلاء.

وآية المباهلة نزلت سنة عشر، لما قدم وفد نجران، ولم يكن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد بقي من أعمامه إلا العباس، والعباس لم يكن من السابقين الأوّلين، ولا كان له به اختصاص كعليّ. وأما بنو عمّه فلم يكن فيهم مثل عليّ، وكان جعفر قد قُتل قبل ذلك. فإن المباهلة كانت لما قدم وفد نجران سنة تسعٍ أو عشر، وجعفر قتل بمؤتة سنة ثمان، فتعيّن عليّ رضي الله عنه.

وكونه تعيّن للمباهلة، إذ ليس في الأقارب من يقوم مقامه، لا يوجب أن يكون مساوياً للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم في شيء من الأشياء، بل ولا أن يكون أفضل من سائر الصحابة مطلقاً، بل له بالمباهلة نوع فضيلة، وهي مشتركة بينه وبين فاطمة وحسن وحسين، ليست من خصائص الإمامة، فإن خصائص الإمامة لا تثبت للنساء، ولا يقتضي أن يكون من باهل به أفضل من جميع الصحابة، كما لم يوجب أن تكون فاطمة وحسن وحسين أفضل من جميع الصحابة.

وأما قوله الرافضي:"لو كان غير هؤلاء مساوياً لهم. أو أفضل منهم في استجابة الدعاء لأمره تعالى بأخذهم معه، لأنه في موضع الحاجة".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام