له، وله الولاية العامة، فكذا المساوية"."
قلنا: لا نسلم أنه لم يبق إلا المساواة، ولا دليل على ذلك، بل حمله على ذلك ممتنع، لأن أحداً لا يساوي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: لا عليّاً ولا غيره.
وهذا اللفظ في لغة العرب لا يقتضي المساواة. قال تعالى في قصة الإفك: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: 12] ولم يوجب ذلك أن يكون المؤمنون والمؤمنات متساوين.
وقد قال تعالى في قصة بني إسرائيل: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] أي: يقتل بعضكم بعضاً، ولم يوجب ذلك أن يكونوا متساوين، ولا أن يكون من عبد العجل مساوياً لمن لم يعبده.
وكذلك قد قيل في قوله: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء: 29] أي لا يقتل بعضكم بعضاً، وإن كانوا غير متساوين.
وقال تعالى: {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] : أي لا يلمز بعضكم بعضاً، فيطعن عليه ويعيبه. وهذا نهي لجميع المؤمنين، أن لا يفعل بعضهم ببعض هذا الطعن والعيب، مع أنهم غير متساوين لا في الأحكام، ولا في الفضيلة، ولا الظالم كالمظلوم، ولا الإمام كالمأموم.
ومن هذا الباب قوله تعالى: {ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاَءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 85] أي يقتل بعضكم بعضاً.
وإذا كان اللفظ في قوله: {وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ} كاللفظ في قوله: {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] ، {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: 12] ، ونحو ذلك، مع أن التساوي هنا ليس بواجب بل ممتنع، فكذلك هناك وأشد. بل هذا اللفظ يدل على المجانسة والمشابهة. والتجانس والمشابهة يكون بالاشتراك في بعض الأمور، كالاشتراك في الإيمان، فالمؤمنون إخوة في الإيمان، وهو المراد بقوله: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا} [النور: 12] وقوله: {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: 11] .
وقد يكون بالاشتراك في الدِّين، وإن كان فيهم المنافق، كاشتراك المسلمين في الإسلام الظاهر، وإن كان مع ذلك الاشتراك في النسب فهو أوكد. وقوم موسى كانوا أنفسنا بهذا الاعتبار.
قوله تعالى: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ} [آل