الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي". وفي السنن عنه أنه قال:"والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي" [1] فمن جعل محبة أهل بيته أجراً له يوفِّيه إياه فقد أخطأ خطأً عظيماً، ولو كان أجراً له نثاب عليه نحن، لأنّا أعطيناه أجره الذي يستحقّه بالرسالة، فهل يقول مسلم مثل هذا؟!."
الوجه الثامن: أن القربى معرّفة باللام، فلابد أن يكون معروفاً عند المخاطبين الذين أمر أن يقول لهم: {قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} وقد ذكرنا أنها لما نزلت لم يكن قد خُلق الحسن ولا الحسين ولا تزوج عليّ بفاطمة. فالقربى التي كان المخاطبون يعرفونها يمتنع أن تكون هذه، بخلاف القربى التي بينه وبينهم، فإنها معروفة عندهم. كما تقول: لا أسألك إلا المودة في الرحم التي بيننا، وكما تقول: لا أسألك إلا المودة في الرحم التي بيننا، وكما تقول: لا أسألك إلا العدل بيننا وبينكم، ولا أسألك إلا أن تتقي الله في هذا الأمر.
الوجه التاسع: أنّا نسلم أن عليّاً تجب مودته وموالاته بدون الاستدلال بهذه الآية، لكن ليس في وجوب موالاته ومدته ما يوجب اختصاصه بالإمامة ولا الفضيلة.
وأما قوله:"والثلاثة لا تجب موالاتهم"فممنوع، بل يجب أيضاً مودتهم وموالاتهم، فإنه قد ثبت أن الله يحبهم، ومن كان الله يحبه وجب علينا أن نحبه، فإن الحب في الله والبغض في الله واجب، وهو أوثق عرى الإيمان. وكذلك هم من أكابر أولياء الله المتقين، وقد أوجب الله موالاتهم، بل قد ثبت أن الله رضي عنهم ورضوا عنه بنصّ القرآن، وكل من رضي الله عنه فإنه يحبه، والله يحب المتقين والمحسنين والمقسطين والصابرين، وهؤلاء أفضل من دخل في هذه النصوص
(1) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاء الحديث عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه في: سنن الترمذي 5/ 317 - 318 (كتاب المناقب، باب مناقب أبي الفضل ... وهو العباس بن عبد المطلب) ولفظ الحديث في الترمذي:"... أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مغضباً وأنا عنده، فقال:"ما أغضبك؟"قال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا لقونا بغير ذلك، قال: فغضب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى احمرّ وجهه، ثم قال:"والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله"ثم قال:"يا أيها الناس من آذى عمّي فقد آذاني، فإنما عم الرجل صنو أبيه". قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح"."
وجاء هذا الحديث في المسند (ط. المعارف) 3/ 206، 207، 210، (ط. الحلبي) 4/ 165) وجاء الحديث بألفاظ مقاربة في: سنن ابن ماجه 1/ 50 (المقدمة باب في فضائل أصحاب رسول الله ... ، فضل العباس بن عبد المطلب) . وضعف الألباني في"ضعيف الجامع الصغير"6/ 46 حديث الترمذي وأحمد ولكن قال إن الطرف الآخر منه صحيح.