فهرس الكتاب
الصفحة 68 من 363

الوجه الخامس: أنه قال: لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى، لم يقل: إلا المودة للقربى، ولا المودة لذوي القربى. فلو أراد المودة لذوي القربى لقال: المودة لذوي القربى، كما قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] وقال: {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الحشر: 7] .

وكذلك قوله: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الروم: 38] وقوله: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى} [البقرة: 177] ، وهكذا في غير موضع.

فجميع ما في القرآن من التوصية بحقوق ذوي قربى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وذوي قربى الإنسان إنما قيل فيها: ذوي القربى، لم يقل: في القربى. فلما ذكر هنا المصدر دون الاسم دلّ على أنه لم يرد ذوي القربى.

الوجه السادس: أنه لو أريد المودة لهم، لقال: المودة لذوي القربى، ولم يقل: في القربى. فإنه لا يقول من طلب المودة لغيره: أسألك المودة في فلان، ولا في قربى فلان، ولكن أسألك المودة لفلان والمحبة لفلان. فلما قال: المودة في القربى، عُلم أنه ليس المراد لذوي القربى.

الوجه السابع: أن يقال: إن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لا يسأل على تبليغ رسالة ربه أجراً ألبتة، بل أجره على الله، كما قال: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] ، وقوله: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ} [الطور: 40] وقوله: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ} [سبأ: 47] .

ولكن الاستثناء هنا منقطع، كما قال: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَن شَاءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً} [الفرقان: 57] .

ولا ريب أن محبة أهل بيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم واجبة، لكن لم يثبت وجوبها بهذه الآية، ولا محبتهم أجر للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم، بل هو مما أمرنا الله به، كما أمرنا بسائر العبادات.

وفي الصحيح عنه أنه خطب أصحابه بغدير يدعى خُمّاً بين مكة والمدينة، فقال:"أذكّركم"

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام