فهرس الكتاب
الصفحة 70 من 363

من هذه الأمة بعد نبيها.

وفي الصحيحين عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إن اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" [1] فهو أخبرنا أن المؤمنين يتوادون ويتعاطفون ويتراحمون، وأنهم في ذلك كالجسد الواحد.

وهؤلاء قد ثبت إيمانهم بالنصوص والإجماع، كما قد ثبت إيمان عليّ، ولا يمكن من قدح في إيمانهم أن يثبت إيمان عليّ، بل كل طريق دلّ على إيمان عليّ فإنها على إيمانهم أدل، والطريق التي يُقدح بها فيهم يُجاب عنها كما يجاب عن القدح في عليّ وأوْلى فإن الرافضي الذي يقدح فيهم ويتعصب لعليّ فهو منقطع الحجة، كاليهود والنصارى الذين يريدون إثبات نبوة موسى وعيسى والقدح في نبوة محمد صلَّى الله عليه وسلَّم.

ولهذا لا يمكن الرافضي أن يقيم الحجة على النواصب الذين يبغضون عليّاً، أو يقدحون في إيمانه، من الخوارج وغيرهم. فإنهم إذا قالوا له: بأي شيء علمت أن عليّاً مؤمن أو ولي لله تعالى؟

فإن قال: بالنقل المتواتر بإسلامه وحسناته.

قيل له: هذا النقل موجود في أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. بل النقل المتواتر بحسنات هؤلاء، السليمة عن المعارض، أعظم من النقل المتواتر في مثل ذلك لعليّ.

وإن قال: بالقرآن الدّالّ على إيمان عليّ.

قيل له: القرآن إنما دلّ بأسماء عامة، كقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 18] ونحو ذلك. وأنت تخرج من ذلك أكابر الصحابة، فإخراج واحدٍ أسهل.

وإن قال: بالأحاديث الدّالّة على فضائله، أو نزول القرآن فيه.

قيل: أحاديث أولئك أكثر وأصح، وقد قدحتَ فيهم.

(1) الحديث بلفظ مقارب عن النعمان بن بشير رضي الله عنه في: مسلم 4/ 1999 - 2000 (كتاب البر والصلة والآداب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفيهم وتوادهم) . وجاء الحديث عنه بألفاظ أخرى فيه وفي: البخاري 8/ 10 (كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم) وأوله في البخاري: ترى المؤمنين في تراحمهم والحديث في: المسند (ط. الحلبي) 4/ 270.

وتكلم عليه الألباني في"سلسلة الأحاديث الصحيحة"3/ 71 (حديث رقم 1083) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام